قارب العام 2014 على الانتهاء وما زالت ظاهرة التحرش الجنسي تؤرق الجميع في مصر، رغم التشديدات الأمنية وإصدار عدة أحكام رادعة تجاه المتحرشين.
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=LPdevs70SVE
لم يمر شهر في العام الحالي إلا وشهد فيه المجتمع المصري حالات تحرش هزته من الأعماق وأثارت غضبه، بل أثارت غضب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نفسه الذي ذهب معتذراً لإحدى السيدات من ضحايا التحرش في ميدان التحرير.
أماكن المتحرشين معروفة والمناطق التي يمارسون فيها إجرامهم باتت وكرا الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود.. مثل ميدان عبدالمنعم رياض والكورنيش وشوارع وسط القاهرة والمتنزهات العامة، مثل حديقة الأزهر والفسطاط وحديقة الحيوانات وحديقة مصطفى محمود.
أما الأيام التي تشهد أكثر حالات التحرش فهي أيام العطلات والأعياد والمناسبات القومية وبعض التظاهرات.
أما كوبري قصر النيل الشهير وسط العاصمة المصرية فتحول إلى ساحة تحرش جماعي من جانب عشرات الأطفال، والصبية الذين كانوا يتجمعون طوال العام على شكل مجموعات في مداخل محطة مترو الأوبرا لاستقبال الفتيات القادمات إلى منطقة وسط البلد للاحتفال بالأعياد.
كما شهدت حديقة “الأزهر” الكثير من “المسيرات” التي نظمها عشرات الشباب خلف الفتيات، في مشاهد أثارت غضب رواد الحديقة، أما ميدان عبدالمنعم رياض بوسط العاصمة فلم تكن الحال فيه أفضل، حيث شهد تحرش مجموعة من الصبية بالفتيات أثناء تواجدهن هناك، وظهر مقطع فيديو لشباب يطرحون فتاة أرضا أثناء سيرها بأحد شوارع القاهرة نهارا.
مراسلو الصحف والفضائيات لم يكونوا أسعد حظا بل نالهم نصيب من التحرش مثلما حدث مع مراسلي فضائيات “الحياة” و”التحرير” و”فرانس 24″ إضافة إلى بعض الناشطات في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني اللواتي ذهبن للميادين لمعاينة حالات التحرش على الطبيعة فعانوا منها.
وكانت الواقعة الأشهر التي حدثت في ميدان التحرير ليلة الاحتفال بتنصيب السيسي هي القشة التي قصمت ظهر الحكومة المصرية، الأمر الذي جعل الرئيس يذهب للضحية معتذراً ويكلف الحكومة بتعديل قانون العقوبات ليشمل تشريعا يشدد العقوبة على المتحرشين. ووصلت هذه العقوبة إلى السجن 20 سنة لبعض المتحرشين مثلما حدث مع الجناة في حادث التحرش بالتحرير.
الجامعات لم تسلم من الأمر، وزادت حالات التحرش بداخلها خاصة في ظل غياب الأمن وضعف قدرات رجال الأمن الإداري، حيث شهدت جامعة القاهرة الحالة الأشهر وهي لطالبة في كلية الحقوق تعرضت لثلاث حالات تحرش جماعي بسبب تجولها في حرم الجامعة بملابسها المثيرة، إضافة إلى بعض الحالات التي شهدتها جامعات الإسكندرية وعين شمس والأزهر.
أما دور السينما فشهدت أيضا حالات تحرش خاصة في موسم الصيف وأفلام العيد بسبب انشغال أجهزة الأمن بمواجهة الإرهاب والتظاهرات العنيفة التي تشهدها مصر، حيث قل مما سمح للمتحرشين بممارسة جرائمهم مستغلين حالة التراخي الأمني.
عقوبات صارمة.. لكن غير رادعة
المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية المصري أكد أن 62.6% من ضحايا التحرش والاعتداء الجنسي في مصر لا يتجاوز عمرهم الـ20 عاما، ونصفهن من الأطفال ما دون الـ15عاما.
وذكر المركز أن نسبة الآنسات في قائمة الضحايا بلغت حوالي 75%، وحوالي 40% منهن أميات، أما الجناة فغالبيتهم لم يسبق له الزواج.
القانون الجديد الذي أقرته الحكومة نص على أن يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 3000 جنيه ولا تزيد عن 5000 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 5000 جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه.
رغم ذلك ما زال التحرش ظاهرة قائمة ومؤرقة تخيف سيدات مصر وفتياتها.. وما زال القانون عاجزا عن ردع المتحرشين وما زالت الحكومة تواجه الظاهرة بحل أمني بات وحده لا يكفي.