لا تزال الطروحات العلمية التي يقدمها الباحث السعودي، لؤي الشريف، محل أخذ ورد في الأوساط المهتمة باللغات القديمة وعلاقتها وأثرها باللغات الحالية التي نعرفها وعلى رأسها اللغة العربية.
وكان قد صرح أكثر من مرة بأن الهدف من دراساته هذه هو التعريف باللغات القديمة وأهميتها في حياتنا اليوم، إضافة إلى علاقتها الوطيدة بثقافة شعوب منطقة بلاد الشام والخليج والدول التي تنطق باللغة العربية، والتي تدين أيضاً بالإسلام الذي ترتبط شعائره وسلوكياته المتنوعة ارتباطاً عضوياً باللغة العربية بشكلها المعروف حالياً.
وتعتبر اللغة السريانية أو الآرامية، كما يقول لؤي الشريف، صاحبة الأثر الأكبر على اللغة العربية وبالتأكيد على القرآن الكريم لأنه مكتوب بالعربية.
وتحت عنوان “الجذور الآرامية للقرآن الكريم القديم ومدخل لفهم أفضل له”، أكد الشريف في مقطع فيديو له نشره على “يوتيوب”، أن الهدف الأول والأخير الذي يسعى له هو الوصول إلى فهم أفضل للقرآن، في الوقت الذي عبّر فيه عن فرحته بنعمة حبه لتعلم اللغات الأجنبية ومنها اللغة الآرامية، التي أوصلته إلى معلومات ثمينة لم يكن ليحصل عليها في يوم من الأيام لولا معرفته بالآرامية.
وأشار إلى أنه عندما بدأ بدراسة وتعلم الآرامية لاحظ أن الكثير من الجمل والمفردات الآرامية جاء القرآن على ذكرها في آياته.
وعرّف باللغة الآرامية أو السريانية بأنها لغة سامية قديمة ويعتقد أنها أصل كل اللغات السامية… “وعندما أقول لغة سامية يعني أنها تشترك بالجذور ذاتها (ألف- بيت- داليت — ها) وهي المرادفة للأحرف (ألف- باء — جيم — دال). وهي أيضاً تكتب من اليمين إلى اليسار.
وخلص الباحث إلى أن اللغة العربية لهجة من لهجات الآرامية، وقال: إن من نطق باللغة العربية الحالية هو “اشماايل” أو النبي إسماعيل…موضحاً أن إسماعيل كان عبرانياً وليس عربياً ولذلك تسمى ذريته العرب المستعربة بعد أن تزوج في اليمن، وجاء اسمه من دمج كلمتين “اشما” —”ايل” اللتين تعنيان “سمع”-“الله”، وهو الذي كان يتكلم الآرامية القديمة ومن هنا بدأ الموضوع.
وأضاف الشريف: عندما عاش في جزيرة العرب أصبح هناك ما يمكن تسميته لهجة جديدة وهي في الحقيقة اللغة العربية اليوم. وإذا توصلنا إلى هذا الاتفاق فإن البقية كلها سيكون من السهل شرحها وفهمها.
وقال: إن الحقيقة صادمة ولكن الحق يجب أن نعرفه…85 بالمائة من كتاب الله هو آرامي…وفسّر قوله تعالى “بلسان عربي مُبين” بأن العربية هي لهجة آرامية…وسأقدم بعض الأمثلة الصاعقة الحقيقية والتي ستساعدكم في فهم أكثر للقرآن الكريم.
وفي معرض الأمثلة التي طرحها، تحدث الشريف عن سورة الإخلاص: “قل هو الله أحد، الله الصمد”. وعبّر عن أسفه من تفسيرات المفسرين لكلمة “الصمد”، فمنهم من قال إنها تعني “من لا جوف له”…ولكن في الحقيقة هي من الآرامية وتعني الطريق وتلفظ “سامد” أي أن الله هو الطريق الذي أنا أقصده في طلب الحاجات.
كما أن الآية “قل هو الله أحد” تعني أن الله “واحد” وليس “أحد ما”، وهي من الآرامية “إيخاد” وتعني واحد وتصبح السورة: قل هو الله واحد. الله الطريق.
وتحدث الشريف عن القرآن القديم الذي كتب بالآرامية وذلك قبل وضع النقاط والتشكيل. “وأقصد بالقرآن القديم هو القرآن الذي كتب بالخط القديم أي الخط الآرامي قبل التشكيل والتنقيط”…
وأضاف: كلمة “النار” في جميع الكتب السماوية اسمها “النار”، ولكنه من أين جاءت كلمة “جهنم”…فهي في الآرامية تلفظ “غوهنيم” وهو الوادي الذي كان فيه النبي سليمان يعذب فيه المرتدين والكفرة من الجن.
وأيضاً: جنات عدن…من كلمة “ايدن” وهي تعني البستان. “ولكن كونوا ربانيين”…وتعني كونوا كمن الذي يحترم حضرة الله ولذلك يسمى رجل الدين في بني إسرائيل “راباي” أي الحاخام وأصلها من الآرامية “راباني”.
“وفاكهة وأباً”… جميع المفسرين لم يجدوا معنى لها ولكنها في الحقيقة من الآرامية “آبا” أي الفاكهة الناضجة.
“في عليين، وما أدراك ما علييون”، كتاب مرقوم…علييون أو “إلييون” هي كلمة آرامية…وحتى اسم علي بالعربية من أصل آرامي وهو في الحقيقة اسم آرامي يدعى “إيليا” أو “إليون” أي الشخص الذي رفع إلى مكان علي ومرتفع.
وقال الشريف إنه سيتحدث عن عدد من الآيات الموجودة في القرآن، مشيراً إلى أنه لو أحد ما قام بإسماعها لشخص يتحدث الآرامية، فإنه سيؤكد لنا أنها كلمات آرامية بنسبة مليون بالمئة.
(إن من شيتعه لإبراهيم، إذ جاء قلبه بقلب سليم، إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون أإفكاً آلهة دون الله تريدون، فما ظنكم برب العالمين فنظر نظرة في النجوم)…وهنا قال الشريف: نجم أو “ناجم” في الآرامية تعني الدليل المرتفع أي أن النجوم تعني الدلائل المرتفعة.
(ولى عنهم مدبرين فراغَ)…كلمة “راغ” تعني بالآرامية “انصرف”
كلمة رب بالآرامية تعني “رب” أو “الله” أو “سيد” بمعنى زعيم كأي واحد من الناس…وكذلك قال النبي يوسف في القرآن عن “العزيز”…(إنه ربي أحسن مثواي)…وهذا يعني أنه هو مولاه وسيده…
كما اتى الشريف على ذكر عشرات الأمثلة التي قد لا تتسع الصفحات لذكرها كلها.
اللغة السريانية والآرامية تقريبا نفس الشيء وهي معروفة للكلدانيين والاشور والسريان وحروفها الأبجدية أبجد هوز حطي كلمن … قريبة للنطق العربي وكثير علماء قالو القران فيه كلمات سريانية بس ما فسروها … يعني الي قلتو ماهو جديد والي يحب يعرف اكثر يقرا عن اثر اللغة السريانية في اللغة العربية والقران
القرآن واضح في ذلك اذ صرح مما لا يدع مجالا للشك أنه قرآن (بلسان عربي مبين)، وقد أثبت الباحثون أنها لغة آدم عليه السلام حيث كان أول مانطق: الحمد لله، والحمد لاتقابله اي كلمة في اللغات الأخرى فهو يجمع بين الثناء والشكر ولا يكون الا لله
أبحاث كثيرة حتى من غير العرب دللت على أن العربية أصل اللغات، ومما راق لي بحث للشيخ بسام جرار أنقله هنا
يونس عليه السلام : فرضيّة قد تصبح حقيقة
بقلم: الشيخ بسام جرار
جاء في الآيتين 87، 88، من سورة الأنبياء:” وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظنّ أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنتُ من الظالمين، فاستجبنا له فنجّيناه من الغمِّ وكذلك نُنْجي المؤمنين”.
ذو النون هنا هو يونس، عليه السلام. وأكثر أهل العلم على أنّ النون هو الحوت، وتجمع على نينان. وقد ورد في سورة القلم:” فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحب الحوت…” القلم:48 ومعلوم أنّ الصاحب من المصاحبة، وقد حصل أنْ صاحَبَ يونسُ، عليه السلام، الحوتَ فترة من الزمن، فلا إشكال. أمّا ذو ففيها ملازمة كملازمة الصفة للموصوف. والذي نرجّحه هنا أنّ نون ليس هو الحوت وإنما الحرف المعروف. ويلزم من هذا القول أن نبيّن لماذا سمّي يونس، عليه السلام، بذي النون، ولماذا يسمّى الحوت نوناً؟!
جاء في مختار الصحاح للرازي في مادة بلس:” أبلس من رحمة الله أي يئس، ومنه سمّي إبليس وكان اسمه عزازيل”. وهذا فيما نراه خطأ بيّن، لأنّ القرآن الكريم ينصّ على أنّ اسمه إبليس قبل أن ييأس من الرحمة؛ انظر قوله تعالى:” إلا إبليسَ أبى أن يكون من الساجدين، قال يا إبليسُ مالك ألا تكون من الساجدين، قال لم أكن لأسجد لبشر خلقتَه من صلصال …” الحجر 31-33. وكذلك الآيات 75 – 78 من سورة ص، تنصّ على أنّه خوطب بـ إبليس قبل أن يُطرد من الرحمة. وعليه نقول: إنّ أبلس من إبليس، لا أنّ إبليس من أبلس. فبعد أن أصبح إبليس يائساً من الرحمة، ووجدت البشريّة، ووجدت اللغة العربيّة، اشتُقّ الفعل أبلس من اسم إبليس. فالاشتقاق هنا إذن من الاسم. وما قلناه في إبليس نقوله في نون، فاسم يونس معناه كما سنرى هو ذو النون. وعليه فهناك احتمال أن يكون الحوت قد عُرف بـ نون بعد قصته مع ذي النون (يونس).
بالرجوع إلى الآية 88 من سورة الأنبياء نلاحظ أنّ كلمة ننْجي كُتبت في المصحف هكذا: (نجي)، على الرغم من أنّها تُقرأ فقط نُنْجي. فلماذا حذفت النون عندما كان الكلام عن ذي النون؟! ويصبح الأمر لافتاً بشدّة عندما نعلم أنّ سورة القلم تفتتح بقوله تعالى:” ن والقلمِ وما يَسطرون”، وقبل نهاية السورة يقول سبحانه:” فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحبِ الحوت إذ نادى وهو مكظوم”. فلماذا إذن حذفت النون عندما وصف، عليه السلام، بذي النون، مع ملاحظة أنّ قصة يونس، عليه السلام، وردت أيضاً في سورة القلم، التي تُستهل بحرف النون، وملاحظة أنّه عليه السلام لم يوصف فيها بذي النون، بل هو فيها صاحب الحوت؟!
يُحتمل أن تكون هذه إشارة إلى أنّ النون هو الحرف وليس الحوت؛ ففي سورة الأنبياء حذفت النون التي هي حرف، وسورة القلم استهلت بنون الذي هو حرف، والقَسَم فيها، كما هو واضح، بالحرف والأداة والكتابة:”نون والقلم وما يسطرون”.
إذا قرأتَ سفر يونا في العهد القديم باللغة العبريّة تجد أنّه يتحدث عن قصّة النبي الذي التقمه الحوت وكان رسولاً إلى أهل نينوى. وهي القصة نفسها في التوراة المترجمة إلى العربيّة، وتجدها في سفر يونان. أما في القرآن الكريم فهي قصة النبي يونس، عليه السلام. فهو إذن عند اليهود يونا، وعند النصارى يونان، وفي الإسلام يونس.
اللافت أنّ الاسم يونان هو أيضاً اسم بلد أوروبي يقع على البحر المتوسط، وعندما بحثنا عن أصل التسمية وجدناها تتعلق بشخص له قدسيّة، بل رُفع عندهم إلى مرتبة الآلهة. ووجدنا أنّ البحر بالقرب من اليونان يسمى يونيوس، وهذه اللفظة قريبة جداً من لفظة يونس. وعندما نعلم أنّ السين في اللغة اليونانيّة هي علامة رفع للعلم المُذكّر، مثل: أرسطوطالس، ببندريوس، كرملّس… الخ، ندرك أنّ هناك احتمالاً راجحاً أن يكون الاسم يونا هو في اليونانيّة يوناس، ومعلوم أنّ الألف قد تُخفف في اللفظ لتصبح يونس.
وإذا عرفنا أنّ النون في اللغة اليونانيّة هي علامة نصب نُدرك أنّ يونان هي في الأصل يونا، فإذا نُصب على النداء يكون يونان. وبما أنّ الأصل في العَلَم المذكّر أن يكون مرفوعاً فهو إذن يونس.
سبق أن أشرنا- عند مناقشة اسم يحيى- إلى أنّ المقطع (يو) قد يأتي في بعض اللغات السامية القديمة بمعنى ذو (معلومة غير مؤكدة). وعليه يمكن أن يكون معنى الاسم يونا في الأصل السامي هو (ذو- نا)، ويكون معنى يونان في أصله السامي (ذو – نان) أي ذو النون. وبالتالي يمكن أن يكون معنى الاسم يونس هو ذو النون. والسين كما عرفنا علامة رفع تلحق العَلَم المذكر.
علاقة يونس باليونان علاقة مُرجَّحة
يظن البعض خطأً أنّ Greece هو الاسم الحقيقي لبلاد اليونان. والصحيح أنّ هذا الاسم هو وصف سلبي أطلقه أعداء اليونانيين عليهم. أما هم فيقولون إنّه اليونان نسبة إلى شخص له في الأساطير اليونانيّة مرتبة الآلهة. وتنص مقدمة سفر يونان في العهد القديم على أنّ النبي يونان هو من مواليد فلسطين، وقد دعاه الله ليحمل رسالة التوبة إلى مملكة أشور، التي كانت عاصمتها نينوى… وعندما تسلّم يونان الرسالة من الله أبت عليه روحه الوطنيّة أن يبشر بالخلاص أمّة وثنيّة، فحاول الهرب من الله على ظهر سفينة. ولكن بعد سلسلة أحداث طُرح يونان إلى أعماق البحر، فابتلعه حوت… وأخيراً أذعن يونان إلى أمر الرب فانطلق إلى نينوى ليبشّر أهلها بالخلاص…”. انظر كتاب الحياة ترجمة تفسيرية، ص 1088
وفق العقيدة الإسلاميّة يُستبعد تماماً أن يرفض نبي كريم توبة أهل نينوى بعد أن أنذرهم العذاب، كما ينص سفر يونان. والملاحظ أنّ عدداً من المفسّرين قد تأثروا بسفر يونان هذا عند تفسيرهم للآية الكريمة.
ورد في السيرة أنّه عندما ذهب الرسول، عليه السلام، إلى الطائف أساء إليه الصغار والكبار إلا ما كان من عدّاس الذي هو من نينوى، فسأله الرسول، عليه السلام:” من مدينة الرجل الصالح أخي يونس بن متى؟”. فهذا الحديث- إنْ صح، وهو غير صحيح- لا يشير إلى أنّ نينوى هي البلد التي نشأ فيها يونس، عليه السلام، ولا يشير كذلك إلى أنّها البلد الذي آمن ليونس بعد إذ دعاهم. وعليه لا يبعد أن يكون يونس، عليه السلام، من نينوى ثمّ أُرسل إلى قومٍ آخرين بعد أن غاضب قومه. ولا يبعد أيضاً أن يكون من فلسطين ثم أُرسل إلى أهل نينوى. ولا يبعُد أن يكون من نينوى وأُرسل إلى أهلها. كل هذه الاحتمالات قائمة. وإذا لم يصح الحديث الوارد في السيرة فيمكن أن ينشأ لدينا احتمالات أخرى.
تشير الآيات الكريمة من سورة الأنبياء إلى أنّ يونس، عليه السلام، قد ترك المكان الذي كان فيه بعد مغاضبته قومه أو غيرهم. وتشير الآيات أيضاً إلى أنّ يونس، عليه السلام، ظنّ أنّ بإمكانه أن يغادر المكان الذي كان فيه لأنّ الله تعالى لم يُضيّق عليه في ذلك، وأنّ هذا الظن كان في غير محلّه. أمّا الآيات من سورة الصافات وفيها:” إذ أبق إلى الفلك المشحون”، فتشير إلى أنّ ذهابه كان كذهاب العبد الآبق الذي فرّ من سيّده. ولا نستطيع أن نجزم بأنّه كان نبيّاً عندما فعل ذلك، فالاحتمالات كثيرة، ولا يُبنى على الاحتمال، وإن كان الأليق بمقام النبوة أن نقول إنّ ذلك كان قبل النبوة.
بعد مغادرته مُغاضِباً، وبعد حصول قصته عليه السلام مع الحوت، أرسله الله تعالى إلى مدينةٍ يسكنها ما يقارب المائة ألف نسمة، كما نصت الآية 147 من سورة الصافات:” وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أوْ يزيدون”، فالآية الكريمة لا تُصرّح، بل ولا تشير إلى أنّه رجع إلى بلده الذي غادره. ولو كان قد رجع إلى بلده وقومه لكان ظهر ذلك في النص القرآني البليغ. وحتى لو ذهبنا إلى درجة تصديق ما ورد في سفر يونان، من أنّه رجع إلى أهل نينوى بعد أن أنذرهم، فإنّ ذلك لا يعني أنّه لم ينتقل إلى غيرهم.
أما قوله تعالى في الآية 147، 148 من سورة الصافات:” وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون، فآمنوا فمتّعناهم إلى حين”، فيشير إلى ضخامة البلد الذي أرسل إليه عليه السلام، كما ويشير إلى إيمان أهل هذا البلد. أي أنّهم تأثّروا به وسلكوا طريقه. والمعروف تاريخيّاً أنّ بلاد اليونان قبل الميلاد كانت تتألف من المُدُن الممالك؛ فكانت المدينة تتألف من عدد من السكان يكفي لتشكيل مملكة مستقلة قادرة على الدفاع عن نفسها. وإشارة القرآن الكريم إلى إيمان هذه المدينة يعني أنّهم قد تأثّروا بيونس، عليه السلام. ولا بدّ أن يظهر هذا التأثر في واقعهم؛ فأمّا على مستوى الأسماء فغلب اسم يونان على المنطقة، وحتى البحر فاسمه إلى الآن بحر يونيوس. وأما على المستوى اللغوي فأنت تجد أنّهم قد تأثّروا بالأبجديّة العربيّة، التي ترجع إلى أصل سوري أو عراقي، فهم لا يزالون يقولون: ألفا، بيتا، جاما، دلتا، … بل إنّ سبعين في المائة من جذور اللغة اليونانية ترجع إلى أصول عربيّة، كما تشير بعض الدراسات المعاصرة.
إذن نحن بحاجة إلى تعميق الدراسات، فلعلنا نكتشف أنّ جذور النهضة الفكريّة اليونانيّة ترجع إلى عهد يونس، عليه السلام، كما ترجع جذور النهضة الفكريّة في عصور العباسيين إلى عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم.
وفق رواية سفر يونان يتّضح أنّ البحر هو البحر الأبيض المتوسط. ووفق المنطق الجغرافي نُرجِّح أنه فعلاً البحر الأبيض المتوسط، لأنّ أقرب بحر يمكن أن يوجد فيه حيتان كبيرة هو البحر الأبيض المتوسط، والذي هو أقرب إلى نينوى (الموصل) من بحر العرب. ثم إنّ فلسطين، الأرض المقدّسة، كانت مُهاجر إبراهيم، عليه السلام، وعليه فمن المتوقع أن يهاجر يونس، عليه السلام، إليها.
سورة يونس هي السورة العاشرة في ترتيب المصحف. واللافت أنها أول سورة في ترتيب المصحف سميت باسم نبي من الأنبياء. وقد جاءت سورة يونس تتصدر مجموعة السور التي تبدأ بالأحرف المقطعة الر هكذا: (يونس، هود، يوسف، الرعد، إبراهيم، الحجر)، واللافت أنها جاءت متسلسلة في ترتيب المصحف هكذا: (15،14،13،12،11،10). فلماذا يونس أولاً، على الرغم من كون إبراهيم، عليه السلام، هو أبرز في النص القرآني، وكذلك يوسف وهود، عليهم السلام؟!
وإليك الآية الأولى من كل سورة:
يونس:”الر تلك آيات الكتاب الحكيم”،
هود:” الر كتاب أحكمت آياته ثم فُصّلت من لدن حكيم خبير”،
يوسف:” الر تلك آيات الكتاب المبين”،
الرعد:” الر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون”،
إبراهيم:” الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد”،
الحجر:” الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين”،
واللافت هنا أنّ الآيات الست، التي استهلت بها السور، قد أكدت على موضوع الكتاب. وقد يوحي هذا إلى أنّ ليونس، عليه السلام، دوراً بارزاً في مسالة الكتابة إلى درجة أن يسمى ذا النون أي ذا الحرف. أمّا لماذا النون دون باقي الحروف؟! فسيأتي الكلام إن شاء الله.
وردت الإشارة إلى قصة يونس، عليه السلام، في سورة الأنبياء وسورة الصافات وسورة القلم. واللافت أنّ القصة لم ترد في سورة يونس، بل لم يكن الحديث في السورة عن يونس، عليه السلام، ولكن جاء الحديث فيها عن قوم يونس؛ جاء في الآيات 98 من السورة:” فلولا كانت قريةٌ آمنت فنفعها إيمانُها إلا قومَ يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين”، فقط آية واحدة ذكرت قوم يونس، وعلى الرغم من ذلك فقد سمّيت السورة يونس!!
هذا يعني أنّ إيمان هذه الأمّة والمنفعة التي تحصّلت نتيجة هذا الإيمان هي امسألة المركزيّة التي لا بدّ من الانتباه إليها في قصة يونس، عليه السلام. واللافت أنّ الآية قد ختمت بقوله تعالى:” ومتّعناهم إلى حين”، أما الآية 148 من سورة الصافات فخُتِمت:” فآمنوا فمتّعناهم إلى حين”. وفي هذا لفت الانتباه إلى أهميّة الحديث عن الفرصة التي حصلت لهم في الدنيا نتيجة إيمانهم، مما يعني أنّه قد يكون بإمكاننا أن نرصد ذلك تاريخيّاً. ويجدر هنا أن نلفت الانتباه إلى أنّ عدد الآيات التي تنتهي بحرف النون في سورة يونس هو 98 وهذا يوافق رقم الآية التي ذكر فيها قوم يونس فسميت السورة يونس. وهذه الملاحظة تضاف إلى غيرها من الملاحظات المتعلقة بحرف النون وعلاقته بيونس، عليه السلام.
يُقدّر شُرّاح العهد القديم زمن النبي يونان (يونس) حوالي القرن الثامن قبل الميلاد. ومعلوم أنّ مثل هذه التقديرات لا يُركن إليها، فقد يكون زمنه أبعد من ذلك بقرون، ففي الوقت الذي يقدّر البعض زمن إبراهيم، عليه السلام، بـ 1800 ق.م نجد البعض الآخر يذهب إلى أنّ زمنه يقارب 3000 ق.م. وما نُلمح إليه هنا هو احتمال أن يكون يونس، عليه السلام، هو من وَضَع الأبجديّة- وما ترمز إليه من حساب- والتي تُعتبر من أهم الاكتشافات في تاريخ البشريّة. ومعلوم أنّ اليونانيين من أوائل من تأثّر بهذه الأبجديّة، بل أخذوها بترتيبها المعروف، وأخذوا ما ارتبط بها من حساب، وهو ما يُسمّى بحساب الجُمّل. ثم تأثرت باقي الأمم الغربيّة بهذه الأبجديّة؛ فأنت تجد، على سبيل المثال، أنّ ترتيب أبجديّة اللغة الإنجليزية يتوافق بنسبة مع ترتيب الأبجديّة العربيّة، انظر: (K،L،M،N) و (ك، ل، م ،ن) وانظر: (Q،R،S،T) و (ق، ر، ش ، ت). (A،B) و (أ،ب).
فالفرضيّة عندنا تقول: إنّ يونس، عليه السلام، هو الذي وضع الأبجديّة التي أخذها اليونانيون عنه ثمّ نقلوها إلى غيرهم من الغربيّين، ومن هنا سمي ذا النون، على اعتبار أنّ النون ترمز إلى حرف الكتابة.
ولكن لماذا النون؟!
أ. ملاحظات تتعلق بالقرآن الكريم:
نلاحظ أنّ القرآن الكريم قد أقسم بالحرف والأداة والكتابة عندما قال في مستهل سورة القلم- لاحظ القلم-:” نون والقلم وما يسطرون”. فكانت النون هنا هي التي ترمز إلى الحروف.
ونلاحظ أنّ القرآن الكريم 6236 آية، وتنتهي كل آية بكلمة تسمى فاصلة، فهناك إذن 6236 فاصلة. واللافت أنّ أكثر من 50% من الفواصل القرآنيّة تنتهي بحرف النون.
ب. ملاحظات تتعلق بالعربيّة والإعراب والتصريف:
تشير الدراسات الحديثة إلى أنّ اللغة العربيّة هي اللغة الأقرب إلى اللغة الساميّة الأم. ولسنا هنا في مقام إثبات ذلك. واللافت في هذه اللغة أنّ لحرف النون الدور المركزي في الإعراب والتصريف، ويكفي للتدليل على ذلك ملاحظة الآتي:
1. تنوين الفتح والضم والكسر: أي تُختم اللفظة بالنون.
2. التثنية (ا + ن) والجمع (و + ن) و (ى + ن) أي تختم اللفظة بنون.
3. نون النسوة: تختم اللفظة بنون.
4. نون التوكيد، والنون المخففة.
5. إنْ، أنْ، إنّ، أنّ.
6. إثبات النون وحذفها في الإعراب، وبالذات في الأفعال الخمسة..
ولا تجد في اللغة العربيّة، والتي هي الأقرب إلى الساميّة الأم، حرفاً آخر كحرف النون يقوم عليه التصريف والإعراب.
ج. الكتابة:
يمكن الزعم بأنّ الذي وضع صور الحروف الأبجديّة قام أولاً بوضع صورة النون ( ) ثم قام باشتقاق باقي صور الحروف من هذه الصورة، وهذا أمر يسهل ملاحظته عند استعراض صور الحروف.
وأخيراً، فهناك ملاحظات عدديّة قرآنيّة قد ترتقي بهذه الفرضيّة إلى مستوى النظريّة آثرنا أن نتريث في طرحها لعلها تنضج.
جميل ، فمهما تقدم الإنسان في المعرفه يدرك بان ما يجهله أكثر بكثير مما يعرفه أو تعلمه ، ومثل هذه الأطروحات ينبغي أن تأخذ حقها في الإنتشار ، مادامت تثري التفاسير وتساعد في فهم ما أشكل على كبار المفسرين القدماء .
بارك الله فيك أختي الغاليه نور وسلام ، استمتعت جداً بقراءة مانقلتيه جزيت خيراً .
سوال لماذا الر
اذا كان معناها تبصر لماذا لم يكتب تبصر بدلا من الر
سوالي اذا هذه الحروف لها معنى بالعربي لماذا كتبت بالسرياني
البحث هنا اعتقد وهذا راي انه غير دقيق وهذا الشاب او الباحث لم يجلب شي جديد لانه شاهدت من قبل برامج قي قنوات الديسكفري والهستري قد طرحت من قبل اساتذه في جامعات امريكيه من اصول سريانية بالتحديد من سوريا ذكروا نفس الي ذكره هذا الاخ
أهلا عزيزتي أماني، علمنا الله ماينفعنا ونفعنا بما علمنا
وتحياتي لشامية، وردتك أسعدتني، ولك باقة مماتفضلين من ورود