منذ صغره عانى الشاب الإماراتي عبدالله الجنيبي (23 سنة)، الطالب في تقنية أبوظبي والمتخصص بدراسة فن الإخراج، من عدم قدرته على الاختلاط بالآخرين، الأمر الذي أدى الى تراكم الضغوط النفسية على عاتقه، ليجد بعدها الخلاص عبر رقصة “الهيب هوب”، التي مكنته من التخلص من المشاعر السلبية في داخله ونفثها الى الخارج.
يقول عبدالله “منذ أن كنت أبلغ عاماً حتى سن 18، وأنا أعاني من مشاكل نفسية شبيهة بتلك التي يعاني منها مرضى التوحد منعتني من مخالطة الناس والتفاعل معهم، فقد كنت منعزلاً عن أقراني الأطفال ولا أحب التواجد في مكان مليء بالناس، وبحكم كوني من أب إماراتي وأم تايلاندية، حكم هذا الأمر على ملامحي بشكل كبير، فلم يكن الأطفال حينها يحبون التقرب مني كثيراً، رغم من افتخاري بالتنوع الثقافي الذي أملكه”.
وعن بدايته يقول إنه منذ نعومة أظافره كان يراقب حركات فرقة “backstreet boys”، ويبدأ بتقليدها أمام أهله، أما الرقص الفعلي والمحترف فبدأ حين بلغ سن 18 عاماً، حيث أجاد فيها حركات الهيب هوب وأساسياته، و كان “لليوتيوب” دور كبير في تعليمه فاطلاعه على عدة فيديوهات لتعليم فن الهيب هوب مكنه من اختيار ما يناسبه وتطويره بشكل يتلاءم مع شخصيته وجسده حتى وصل لمرحلة اتقان رقص “الهيب هوب” في عمر 21.
لا يدري عبدالله ما الذي جذبه في هذا النوع من الرقص بالذات، ويقول: “عند استماعك للموسيقى ومحاولة مجاراتك للإيقاع والنغمات يصبح جسدك حراً ، فتتفاعل مع كل دقة مما يسمح لك بإطلاق العنان لنفسك وكأن لا أحد يراك فقط أنت وروحك التي تتنفس الأمر الذي يشعرك بحرية مطلقة”.
ويضيف “إنني أرغب في ان أكون محترفا في هذا المجال، رغم أن مشاركاتي قليلة فأنا لم يسبق لي الرقص أمام الناس إلا في فعاليات معدودة أهمها كان في مارينا مول بأبوظبي تحت عنوان ” Who’s got talent” فقد كانت تجربة جيدة شعرت فيها ببعض التوتر ولكن سرعان ما انزاح بعد أن جعلت روحي تتحرر عبر الرقص”.
يحلم عبدالله بأن يكون معلما للهيب هوب، ولكنه أمر صعب حاليـا على حد قوله ، فهناك خلفية مجتمعية عليها أن تغير تفكيرها وتصبح أكثر تقبلاً لفكرة ” رقص الرجال” كما أن هناك نقصا كبيراً في معاهد تعليم الرقص سواء كان الهيب هوب أم غيره ويضيف أن هناك الكثير من أصدقائه الذين يرغبون بتعلم الهيب هوب ولكن لا يعلمون أين يمكنهم ذلك؟.
ويشيد بتجربة الغرب في تكوين معاهد رقص تسمى بمدرس الرقص المتجول، وهو يعني أن يقوم مدرب محترف بالتجوال بين الدول فيعلم مجموعة من الشباب أنواع الرقص المختلفة وفي النهاية يقام عرض كبير يجمع فيه المشتركين ويعرضون فيه لوحة راقصة تجمعهم جميعاً ومن بعدها يبدأ المعلم بالانتقال لبلد آخر وهذا ما يطمح له عبدالله بالضبط أن يكون معلم رقص محترفا ومتجولا .
عبدالله معجب كثيراً براقص الهيب هوب الفلبيني بريان بوسبوس، والذي يرى فيه ملهما و محترفا ومميزا جدا في مجاله ، كما أنه يدرك أن الكثير من الناس قد لا يتقبلون فكرة أن يكون هناك راقص اماراتي ، فكلمة رجل يرقص كفيلة بجعل الناس يخافون منها بغض النظر عن نوعية الرقص ذاته وهو بالرغم من ذلك يتقبل الانتقادات بصدر رحب ويطلب من الجميع أن يتقبله، فأي شخص لا يدرك معنى رقص الهيب هوب ولم يجرب ذلك الشعور حين تتحرر النفس لا يحق له الحكم على الأمر إلا بعد تجربته فهو يطلب من الجميع أن يقرأ ويشاهد رقص الهيب هوب لكي يفهم ما يفعله هو بالضبط .
أما عن ماذا يجب أن يتوافر في الراقص المحترف فيقول عبدالله: عليه أن يكون محباً لتعلم كل ما هو جديد وأن يملك ” كاريزما” مميزة و أن يكون صاحب قلب رحب و محب.
وكطالب في الاخراج يتمنى عبدالله أن يستطيع صنع فيلم مكون من 5 دقائق أو أقل يكون عبارة عن رقص بطريقة درامية تحكي قصة ما.