كاتب المقال: هاريس زفار، متحدث دولي باسم الشباب ونائب مدير الجماعة الإسلامية الأحمدية في أمريكا، التي تصف نفسها بكونها حركة للصوة الدينية داخل الإطار الإسلامي، وهو أيضاً مؤلف كتاب “Demystifying Islam: Tackling the Tough Questions”.. (الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر صاحبها، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر لـ CNN)
مر شهر فقط على بداية العام، وبدأ منذ الآن التشدد في الإيمان الإسلامي نقطة لجدل حار، ورغم أن الهجوم على الصحيفة الساخرة، تشارلي إيبدو حاز على معظم عناوين الأخبار العالمية، إلا أنه يوجد حوار آخر أقرب، وهو حوار يتوجب علينا جميعاً أن نكون جزءاً منه، ولسوء الحظ واحد من تلك الحوارات التي قد يتعمد إخفائها دون العلن.
ففي بداية هذا الشهر قالت جامعة دوك، في ولاية كاليفورنيا الشمالية بأمريكا إنها ستسمح للمسلمين برفع الأذان من برج الجرس التابع للكنيسة داخل الحرم الجامعي، واستخدام مكبرات الصوت لرفع أذان صلاة الجمعة ولسوء الحظ، ما كان يتوجب أن يظهر على شاكلة تسامح ديني ولفتة لطيفة أثار موجة من الجدل، وقوبل بالعدائية المباشرة من قبل المنتقدين، منهم من قال إن هذه الحركة تشير إلى هجوم على الحرية وأن النداء للصلاة مرتبط بالإرهاب.
وكان القسيس فرانكلين غراهام أحد قادة هذا الهجوم الداعي إلى الجهل، وهو ابن الأنجليكي الشهير بيلي غراهام، وقد استغل الابن هذا الإعلان كفرصة لمهاجمة الإسلام، وفي رد على قرار جامعة ديوك، نشر غراهام تعليقاً عبر حسابه بموقع فيسبوك قائلاً: “مع عزل المسيحية من الساحة العامة، ورغم أن متبعي الإسلام يغتصبون ويذبحون ويقطعون رؤوس المسيحيين واليهود، وكل من لا يتبع الشريعة الإسلامية، يبدو وأن دوك تروج لهذا باسم التعددية الدينية.”
وبالطبع، هنالك حقيقة لا يمكن نفيها بأن بعض المسلمين يقتلون الآخرين باسم الإسلام، ولكن هنالك مسيحيون يفعلون الأمر ذاته باسم المسيح، ولندع جانباً المجازر التي وقعت خلال الحروب الصليبية أو خلال الاستعمار الأفريقي، والتي سبت أرواح مئات الآلاف، فمثلاً هنالك جيش لورد للمقاومة في أوغندا والذي يخص بالتحديد الإيمان المسيحي كمصدر وحي لأعماله الإرهابية، وماذا عن أندريه بريفيك الذي قتل 77 شخصاً عام 2011 في النرويج بعد أن كتب ملحمة تاريخية مبنية على الديانة المسيحية بأكثر من 1500 صفحة عن مذبحته؟
إن الفكرة حول ما إذا كانت المسيحية أم الإسلام مصدر العنف، ليست محلاً للنقاش، فقد يستغرب الكثيرون إن علموا بأن البوذية، التي يرى الكثيرون في الغرب بأنها ديانة مسالمة، قد أنتجت بعض الأفراد الذين قاموا بترهيب المسلمين، وفي مينامار شهد العامان الفائتان مقتل مئات المسلمين وتشرد المئات في هجومات من الرهبان والبوذيين المتشددين.
وبالتالي فوفقاً لمنطق غراهام وفهمه للإسلام فإنه يجب على جميع الأشخاص بأن يحاكموا وفقاً للتصرفات السيئة التي يقترفونها باسم دياناتهم، ولكن مما يلفت الانتباه بالفعل هو اختيار الإسلام ليكون الأسوأ من بين هذه التصرفات.
وما يدعو للحزن بالفعل هو أن غراهام يعد واحداً من مجموعة يمثلون فئات اجتماعية ودينية، والذين أمضوا أعواماً وهم يهدرون طاقاتهم لتضليل من يتطلعون إليهم للإرشاد والتوجيه، وبالفعل فبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول نقلت CNN عن غراهام قوله: “إنها مجموعة صغيرة وضعت تدمير هذه البلاد هدفاً لوجودها، إنهم المتشددون الإسلاميون الذي يجب إيقافهم، لذا أرجو من الناس أن لا يرسموا بفرشاة عريضة وألا يركزوا على الناس بالشرق الأوسط، إنهم أشخاص رائعون.”
لكن التقرير أشار إلى أن غراهام عاد عن آرائه المعتدلة، إذ نقلت وسائل إعلام عنه بعد شهر من التصريح الأول قوله: “إن رب الإسلام هو رب مختلف عن المسيحيين واليهود، وإنني أؤمن بأن الإسلام هو دين مبني على الشر والكره”، كما نقلت عنه CNN في وقت لاحق قوله: “إن الإسلام الصحيح” يعني القدرة على “ضرب زوجتك” و”قتل أبنائك إن ارتكبوا الزنا أو ما يشابهه، والذي يمارسونه بالفعل في بلدانهم.”
كل هذا يدل على أن غراهام هو إما رجل جاهل لا يعلم أي شيء عن دين يصفه وكأنه خبير، أو (وهذا خيار أسوأ) يقصد تضليل المسيحيين ليكرهوا الإسلام والمسلمين، وبصرف النظر عن تحديد أي من هذه الدوافع له، فإنني يمكنني وبثقة أن أقر، خاصة مع تمضيتي نصف حياتي في دراسة الإسلام، إنني أثق تماماً بأن ادعاءات القسيس غراهام غير ثابتة.
وبما أن القسيس غراهام واثق بأن الحقيقة تقف إلى جانبه، لذا يجب عليه أن يكون مستعداً لخوض ندوة عامة حول التشدد في الإسلام، وبما أنني أثق بمن يتبع ديانة النبي المسيح، فسأكون مسروراً بالمشاركة في هذه الجلسة الحوارية لنتبادل الأفكار.
والآن سننتظر فيما لو سيوافق القسقس غراهام على فرصة الحوار هذه.