(CNN)– كشف استطلاع للرأي في الأردن عن تأييد 55 في المائة لتزويج الفتاة المغتصبة من مغتصبها، كحل مناسب للمشكلة، وفقاً لما ورد في نص قانون العقوبات الأردني، فيما تواصل جهات حقوقية وقانونية مطالبتها بإلغاء النص القانوني، أو إجراء تعديل جذري عليه، بوصفه “عقوبة مزدوجة” للفتاة، و”مكافأة” للرجل.
وأثار الاستطلاع الذي كشف عن نتيجته المجلس الوطني لشؤون الأسرة للعام الحالي 2013، جدلاً مطولاً بشأن القضية، خلال ورشة عمل لمتخصصين ، ليصار إلى الإعلان عن كامل الاستطلاع ضمن التقرير السنوي المتعلق بالأسرة لاحقاً.
وتقول المحامية في المجلس، الدكتورة حنان الظاهر، إن الاستطلاع شمل عينة ممثلة من المجتمع الأردني، حيث يعتقد 55 في المائة من العينة أن تزويج الفتاة من مغتصبها “حلاً مناسباً” للمشكلة.
ورأت الظاهر أن حالات تزويج الفتيات، خاصة القاصرات منهن (دون 18 عاماً) في قضايا الاغتصاب من الجاني، لم تصل إلى حد الظاهرة، إلا أنها اعتبرت، ومختصين، أن مجرد حالة واحدة تدفع بالمطالبات لتغيير المادة في القانون.
وتميز الناشطة والمحامية بين حالات تزويج الفتيات المغتصبات، وبين حالات العلاقة الجنسية برضا الطرفين (المواقعة بنص القانون)، حيث تشير دراسات الحالات التي اطلع عليها المجلس من قرارات المحاكم، إلى أن الكثير من الحالات يلجأون للعلاقة بغرض إرغام الأهل على تزويجهم، بسبب رفض الخاطب.
أما فيما يتعلق بحالات الاغتصاب، فيدفع العار الاجتماعي المتعلق بالشرف في المجتمع الأردني ذي الطابع العشائري، إلى إجبار الضحية على الزواج من الجاني، وهو ما يراه حقوقيون وقضاة شرعيون، مخالفة حقوقية وشرعية وعقوبة مزدوجة للفتاة، حيث يعفي القانون الجاني من الملاحقة القانونية.
وتضيف الظاهر: “المشكلة لا تتعلق فقط بأن نص المادة 308 من القانون يتحدث عن وقف ملاحقة المعتدي في حال تزويجه من الضحية في مجموعة من الجرائم، من بينها الاغتصاب، وهتك العرض، والمواقعة بالرضا (للقاصر)، والفعل المنافي للحياء، لكن بالاتجاه المجتمعي الذي يعتبر الزواج حلاً للمشكلة.”
ودفع تزايد شكاوى تبعات حالات الزواج للمغتصبات تحديداً، وحدوث طلاق مبكر، عدا عن غياب الدعم المؤسسي العلاجي والنفسي للمغتصبات، خلال الاعوام القليلة الماضية، بالمؤسسات الحقوقية لرفض المادة 308، والدعوة إلى إلغائها، حيث لا يعتد برضا القاصر في حالة المواقعة.
واستعرض المشاركون في الورشة بعض حالات الدراسة، حيث أظهرت أن 8 حالات كانت من بين 9 حصلت بينهم علاقات غرامية سابقة ومواقعة بالرضا، وبذلك تكون الحالة “مجرمة” للطرفين ما لم يتم الزواج وتتوقف الملاحقة.
وتتركز إشكاليات القضية بسبب اعتماد القانون الأردني سن 18 عاماً كحد أدنى للزواج للذكر والأنثى، فيما اعتبر أن الزواج عند 15 سنة فما فوق، هو استثناء تقرره المحكمة بحسب المصلحة الفضلى.
وتنص المادة 308 من قانون العقوبات الأردني على أنه “إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل (ومنها اغتصاب قاصر) وبين المعتدى عليها، أوقفت الملاحقة، وإذا كان صدر حكم بالقضية، علق تنفيذ العقاب، الذي فرض على المحكوم عليه”.
لكن رئيس محكمة الجنايات الكبرى في عمان، القاضي فواز النهار، كشف عن تسجيل تزويج 3 فتيات من مغتصبيهن حتى يونيو/ حزيران من العام الحالي، من أصل 99 حادثة اغتصاب مسجلة لدى السلطات الرسمية.
وقال القاضي النهار إن الاحصائيات المعلنة لا تعكس حقيقية الأعداد الحقيقية التي تحدث في المجتمع، حيث تتجنب الأسر التبليغ عن الحالات، خاصةً في الحالات المعقدة التي يكون فيها المعتدي من العائلة ذاتها ( المحارم)، وغالباً ما يسقط الأهل الحق الشخصي فيها.
وفيما يحرك الادعاء العام قضايا الاغتصاب تلقائياً، باعتبارها حقاً عاماً، أعلن القاضي النهار تأييده لإجراء تعديلات على نص المادة 308، لجهة المواءمة بين التشريع القانوني، والشرع الذي تختلف أحكامه في قضايا الاغتصاب.
ويشير النهار إلى أن خبرته العملية ولدت لديه قناعة شخصية بضرورة أن لا يعفى الجاني من العقوبة في حالة الاغتصاب بالمطلق، فيما أعرب عن تأييده للتزويج في حال كانت المواقعة بالرضا.
وتحدث مختصون عن حالات لفتيات وقعن ضحية الإجبار على الزواج من الضحية، كما هو حال طفلة عمرها 16 عاماً رفضت الزواج من مغتصبها، إلا أن والدها أجبرها على ذلك رغم أن الجاني متزوج من متسولة ولديه ستة أطفال، انتهت بالطلاق بعد عام.
القصور التشريعي في معالجة هذه القضية، ينسحب كما رأت الطبيبة الشرعية الدكتورة إسراء الطوالبة، على التعريفات القانونية للاغتصاب، حيث تقع حالات تستحق التجريم كاغتصاب، لكن دون أن تثبت قانونياً.
وتقول الطوالبة إن حالة اعتداء شاب على طفلة عمرها عامين بفض بكارتها باستخدام أصبع يده أشعرتها بالصدمة، حيث لم يكيف القانون الذي يشترط حدوث الإيلاج على أنها حادثة اغتصاب، وقالت: “كانت أصغر طفلة أردنية تفض بكارتها، والجاني حكم عليه فقط بخمس سنوات سجن.”
ويعاقب القانون الأردني على المغتصب للطفلة دون سن 15 بالإعدام، إلا أن عقوبة الإعدام مجمدة منذ سنوات في البلاد، فيما يحظر السماح بالإجهاض حتى في حالات حمل السفاح والزنا.
أما أستاذ الفقه المقارن في الجامعة الأردنية، الدكتور محمود السرطاوي، فقال من جهته إن الشريعة الاسلامية ترفض بالمطلق تزويج الفتاة المغتصبة من الجاني، فيما دعا إلى ضرورة تحديث التعريفات القانونية، ومواءمتها مع الشرع فيما يخص عقوبة الزنا والاغتصاب.
وأيدت الناشطة المحامية تغريد الدغمي، الذهاب إلى تعديل المادة 308، عبر إلغاء وقف الملاحقة للجاني المغتصب، مقابل إيقاع عقوبة على الطرفين في حالة المواقعة بالرضا.
وتشير قراءات مراقبين وحقوقيين إلى أن غالبية الجناة من الذكور في تلك القضايا، يفلتون من العقاب.