تواصلت “العربية.نت” عبر الهاتف مساء الاثنين مع سوري في #البيرو، لا يزال منذ أسبوع حديث الإعلام بمعظم اللغات، لأنه مليونير صرف ثروته البالغة 3 ملايين دولار لعلاج المرضى وتحسين حياة المحتاجين بعد ارتكابه لحادث سير بـ #دبي، قاده إلى السجن وغيّر حياته، بحسب ما تشهد صور له قبل وبعد تخليه عن ثروة أصبح بعدها كما الفقراء والمحتاجين الذين تبرع لأجلهم. إلا أن قصته كما تم نشرها، وهي نفسها بأي لغة، ومنها بالعربية المتوافرة في الإنترنت، أثارت الكثير من الشكوك، فكيف يكون سورياً واسمه “مازي دوماتو” وملامحه الشبيهة بإنسان العصر الحجري لا توحي بذلك أيضاً، ولا حتى قصة تبرعه بمال يسيل اللعاب.
قصته كما تم نشرها، أن #مازي_دوماتو، البالغ 38 سنة، كان رجل أعمال أشبه ببلاي بوي بدبي، حيث كان يعمل ويقيم، وفي إحدى المرات كان يقود سيارته، طراز “فيراري” وقيمتها 150 ألف دولار “عندما وقع حادث أليم، قرر على إثره تغيير نمط حياته” وفق الوارد بخبره المتضمن أنه بعد الحادث الذي دخل بسببه السجن ليوم واحد فقط في دبي “التقى بعدها بمن أصبحت زوجته، وهي برازيلية اسمها ميلينا، حيث استلهم منها فكرة تسخير ثروته لدفع فواتير طبية خاصة بعلاجها، ولصرفها على المشاريع الخيرية” وفقا لما ذكره كاتب الخبر في البرازيل، ونجد بعضه في الفيديو المعروض أدناه.
في الخبر أيضا، أن الرجل الذي جمع ثروته من عمله بتصميم المواقع الإلكترونية والتسويق و #الشركات_العقارية بدبي، راح يعيش بعدها مع زوجته في #أميركا_الجنوبية كما الفقراء داخل سيارة “فان” متنقلة “كما يقضون الليل في مطعمهم الخاص أحيانا أو المتجر” لكن ما ألمت به “العربية.نت” بعد اتصالها بالمتبرع الشهير بثروته، أصبح يختلف عن الخبر الذي ترجموه كما هو في #البرازيل ليتم نشره في غيرها، فقد تخلى المقيم بالسيارة عن حياته فيها للعيش حيلة مختلفة في البيرو.
“لا، لا.. أنا مازن.. مازن الياس”
زوجته Milena اعتلت بسرطان الثدي، فأنفق #المليونير_السوري 700 ألف دولار على علاجها “وقرر حين ذلك تمويل مركز للوقاية من المرض في مدينة “فلوريانوبوليس” عاصمة ولاية Santa Catarina بالجنوب البرازيلي “كما بنى مساكن لأسر #مرضى_السرطان، واستخدم ما تبقى من ثروته لدفع الفواتير الطبية للمحتاجين” وهو كلام غامض، لا معلومات فيه عن “مازي” الذي أضافت كل وسيلة إعلامية رتوشا عليه ومعلومات، زادت من غموضه، لذلك فأول سؤال طرحته “العربية.نت” على مازي داماتو حين اتصلت به عبر الهاتف، هو: هل أنت سوري فعلاً، وليس بكل سوريا عائلة داماتو، واسمك الأول مازي أيضا؟.
ضحك مازي، وقال: “لا، لا.. أنا مازن.. مازن الياس، وهو اسمي الحقيقي، أما Mazzi Dumato فهو لقب اخترته كعنوان لبريدي الإلكتروني وحساباتي في #مواقع_التواصل” وأخبر أنه أقام مع والديه وإخوته الثلاثة طوال 18 سنة في دبي، حيث لا تزال كل عائلته تقيم فيها إلى الآن.
أما هو فيقيم في أبعد دولة بالعالم عن دبي أو سوريا، أي “البيرو” التي مضى إليها منذ 4 أشهر ليقيم بقرية فيها شهيرة عالميا، هي Pisac التي اطلعت “العربية.نت” على معلومات كثيرة عنها في الإنترنت، إلى جانب ما شرحه عنها مازن، الملم بالإنجليزية والإسبانية والبرتغالية، إضافة للعربية التي تعلمها بدبي، ويلفظ كلماتها كأي عربي آخر من بلاد الشام.
موقف لحظة: قرية الروحانيات في البيرو
قرية “بيساك” الواقعة في ما يسمونه “الوادي المقدس” والممتدة على ضفاف نهر Urubamba النابع كفرع من نهر الأمازون من جبال “الأنديز” الشهيرة بجنوب البيرو، هي قرية روحية الطراز، سكانها 4 آلاف، ويأتيها أجانب بالمئات للإقامة فيها مدة، يتزودون أثناءها بروحانيات وسكينة نادرة، حيث يقيم الواحد منهم كما إنسان البراري والغابات، وأحدهم هو مازن الياس، المقيم مع 7 أجانب آخرين في بيت من غرفتي نوم، استأجروه للعيش فيه “وأنا سعيد في القرية ومرتاح، ولن أقص شعري أبداً بعد الآن” والسبب كما يضيف مازن أن الشعر ينمو ويطول “لكنه يتوقف فيما بعد عن النمو في مرحلة معينة”. أما زوجته ميلينا فتقيم في البرازيل، وأحيانا تزوره في “بيساك” المقيم فيها لبنانيان تعرف إليهما، وأيضا فلسطيني وإسرائيلي، وهي قرب آثار حضارة شهيرة تركها شعب “الأنكا” في موقع اسمه Machu Picchu مرتفع 3 آلاف متر في الجبال.
طوال 18 سنة عاشها #مازن_الياس في دبي، لم يقم بزيارة بلده الأصلي #سوريا، لأنه كان مطلوباً للخدمة العسكرية، مع أنه هاجر إلى #سان_باولو مع كل عائلته قبل 25 سنة، فأقاموا فيها 6 سنوات وحصلوا على الجنسية البرازيلية، وبعدها انتقلت العائلة إلى دبي وأسست أعمالاً ناجحة. أما هو فأسس أعماله التجارية بنفسه، وخرج من الإمارة برصيد من 3 ملايين دولار، صرفها على علاج سرطانات عدة أصيبت بها زوجته وشقيقها، وعلى تأسيس مراكز للعمل الخيري “ولم يبق له منها إلا 15 ألف دولار فقط” كما قال.
“أنا لا أتبرع، بل أبني مراكز للعمل الخيري”
ويعيش مازن، الذي كان لديه 60 موظفاً في دبي، بمبلغ 500 دولار يأتيه شهرياً كأرباح من 25% يملكها بمطعم فلافل، سماه United Falafel Organization وله حساب “فيسبوكي” بهذا الاسم الذي أطلقه عليه حين أسسه في 2015 بالاكوادور، مع شريك تركي له الحصة نفسها. أما نسبة 50 % الباقية، ومقدار أرباحها الشهرية 1000 دولار، فيتم صرفها على 3 مراكز للعناية بالمرضى أسسها في البرازيل حتى الآن وصرف عليها وعلى زوجته وشقيقها جني العمر في دبي، ليتابع حياته فيما بعد، كما الألبانية التي اشتهرت باسم “الأم تريزا” وتوفيت في 1997 بالسرطان.
بسبب ما فعل، وأهمه صرف كل ثروته على المحتاجين وتغيير نمط حياته رأسا على عقب، أغضب عائلته، وهم والده فايز الياس، الموجود حاليا في البرازيل، إضافة إلى والدته هيلدا وشقيقه مايكل، المولود في البرازيل والمسؤول الآن عن أعمال العائلة بدبي، كما وشقيقتيه المولودتين في الشارقة “لكن العائلة فهمت وضعي فيما بعد، كإنسان ساعد المرضى ويعيش بسلام” مشيراً على ما يبدو إلى أنه تخلى عن الحياة العصرية للعيش على الطبيعة، خصوصاً في “بيساك” الشهيرة، وعاملاً في الوقت نفسه على تأسيس مراكز للعناية بالمرضى والمحتاجين، ويقول: “أنا لا أتبرع للعمل الخيري، بل أبني مراكز لتقوم بالأعمال الخيرية” وفق تعبيره.
اختار لقب “مازي دوماتو” لأن مازي من اسمه الأول مازن. أما Dumato فأول حرفين منها معناهما “من” بالبرتغالية، و”ماتو” معناها غابة، أي أن مازن الياس هو ممن يعيشون الآن عيش الإنسان الأول في الغابات والبراري، لذلك نراه في صور نقلتها “العربية.نت” عن وسائل إعلامية في البرازيل، بثياب متواضعة، تاركاً شعر رأسه وذقنه ينمو على الطبيعة، كما إنسان العصور القديمة قبل آلاف السنين. إلا أنه يفكر دائماً بزوجته التي صادقها طوال 4 سنوات، واقترن بها العام الماضي فقط، لكنها لم تنجب لاعتلالها بالمرض العضال. كما يفكر دائما بعائلته في دبي، ويتمنى لو يزورونه ليتعرفوا إلى “بيساك” وإلى حياته السعيدة فيها. أما الذين يستغربون ما فعل، فيسألهم مازن ويقول: “وماذا فعلتم أنتم”؟.
وقد اتصلت “العربية.نت” بوالدة مازن الياس بعد أن زودها برقم تلفونها الجوال في دبي، فقالت السيدة هيلدا هدايا، وهي من منطقة الجزيرة بـ #الشمال_السوري، إنها فخورة بابنها وما فعله “بعد أن عاش حياة البذخ والترف في دبي التي كان فيها رجل أعمال ناجحاً بامتياز. لم يتخل عن الحياة العصرية ليعيش زاهداً بسبب مرض ما أو لعلة نفسية، بل بقرار منه”، مضيفةً أن حادث السيارة الذي تسبب به في دبي كان عادياً، ولم يقتل أحداً “لكن دخوله السجن ليومٍ واحدٍ جعله يكتشف الجانب الآخر من الحياة، وزوجته البرازيلية ميلينا ساعدته ليتعرف على هذا الجانب أيضا، وأنا على اتصال يومي به، وأسأل الذين استغربوا صرفه لثروته على العمل الخيري، أن يقارنوا ما فعل بما قام به غيره”، لكنها أنهت بأنها كانت تتمنى لو أنه بقي مع العائلة.