أمس الأحد، وهو اليوم الثاني والأخير لزيارته إلى السعودية، قدم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، هدية للملك سلمان بن عبد العزيز، فيها من التاريخ عشرات القرون إلى الوراء، وهي مجسم طبق الأصل وذهبي الطلاء لأول مسجد بناه العرب والمسلمون بالهند، والأول الذي يزوره رئيس هندي. أما داخله، ففيه ما هو نادر: مصباح، لا يزال يضيء بالزيت والنفط منذ 1000 عام.
https://www.youtube.com/watch?v=34pl9nVZAUA
وفي المقابل تقلد مودي من الملك سلمان وشاح الملك عبد العزيز، الأرفع بين أوسمة المملكة، وعلقه على صدره قبل بدء اجتماعات ومباحثات، انتهت بتوقيع 5 اتفاقيات، وفق ما اطلعت عليه “العربية.نت” مما بثته الوكالات، بينها خطط لتبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بتمويل الإرهاب وتبييض الأموال، كما والعمالة ودعم الاستثمارات بين البلدين في القطاع الخاص.
تغريدة في “تويتر” تخبر عن الهدية
وهدية مجسم “مسجد شيرامان جمعة” أعلن عن تقديمها ناريندرا مودي نفسه، بتغريدة “تويترية” أطلقها في حسابه، وهو باسم منصبه الرسمي @PMOIndia في الموقع، المتضمن صورا عن لقائه بالعاهل السعودي، كما بولي عهده نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، وأيضا عن لقائه بولي ولي العهد وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى صورة للمجسّم، وصور عن لقاءات بمسؤولين سعوديين، شهدوا مباحثات حول تعزيز العلاقات بين الهند والمملكة، المقيمة فيها جالية هندية ضخمة، وتزود الهند بنسبة 19% من وارداتها النفطية، وبينهما تبادل تجاري بلغ 39 مليارا من الدولارات في 2014 وحده.
والمسجد الشهير، هو في مدينة “ميثالا كودونغالور تالوك” بمقاطعة اسمها “تريسور” وهي في ولاية “كيرلا” الممتدة على الساحل الجنوبي للهند، وتؤكد مصادر لمؤرخين فيها أن بناءه تم على يد مالك بن دينار البصري، المعروف بأنه ولد زمن “حبر الأمة وفقيهها وإمام التفسير وترجمان القرآن” عبد الله بن عباس، ابن عم النبي، وأن البناء، طبقا لما استنتجت “العربية.نت” مما كتبوه، تم قبل 1300عام على الأقل، لأن ابن دينار، الذي “استشهد به البخاري نفسه” توفي في 127 هجرية في المدينة التي بنى المسجد فيها مع تجار عرب ومسلمين كانوا معه، وفيها دفنوه بعيدا عن موطنه في بلاد أصبح المسلمون فيها أكثر من 150 مليونا.
الملك يرحل إلى حيث الرسول ويعتنق الإسلام
وكان بناء “شيرامان جمعة” كما يختصرون اسم المسجد، دليلا على وجود علاقات بين العرب والهند، ربما سابقة للإسلام نفسه، لكنها تطورت مع ظهور الدين الحنيف، حيث بدأ التجار العرب يدعون إليه أينما ذهبوا، إلى درجة أن أحد ملوك الهند، وهو Cheraman Perumal المعروف بأنه كان ملك “شيرا” ومعاصرا للرسول، حمله تأثره الإيماني من بعض التجار العرب، ليرحل إلى المدينة المنورة، حيث كان الرسول الكريم، وفيها طبق الوارد بكتاب Social Structure and Change اعتنق الإسلام وغيّر اسمه إلى تاج الدين.
وفي الكتاب تناقض واضح، فهو يذكر أن تاج الدين بعث برسائل مع “مالك بن دينار” إلى أقاربه في “كيرلا” يطلب منهم أن يكونوا لطفاء معه (حين يصل إلى الولاية) حيث بنى المسجد “عام 629” في حين أن بن دينار هو تابعي، ولد بعد وفاة الرسول. ثم لماذا يبعث تاج الدين برسائل طالما عليه العودة إلى مملكته بعد اعتناقه الإسلام؟ إلا أن هذا التناقض لا يلغي أن “شيرامان جمعة” هو من أقدم المساجد بالعالم، لذلك جعل رئيس وزراء الهند مجسّمه المطلي بالذهب هدية حملها بنفسه إلى العاهل السعودي.
ويوجد في المسجد الذي تم تجديده وإعادة بنائه لأول مرة منذ 1000 عام تقريبا، ويقومون بترميمات دورية له دائما، مصباح “وقوده من النفط الذي يجلبه إليه مسلمون، كما وأتباع ديانات أخرى أيضا” مع أنه “ممنوع على غير المسلمين دخوله، كمعظم مساجد كيرلا” وفق موقع “ويكيبيديا” المتضمن أن رئيس الهند أبو بكر زين العابدين عبد الكلام (توفي بعمر 84 في يوليو الماضي) زاره في منتصف 2005 وكانت أول زيارة يقوم بها رئيس هندي لمسجد، وكانت بعد سنوات من عملية ترميم شاملة جعلته يبدو حديث البناء، في حين أنه بين أقدم المساجد.