حمص السورية تحارب الفتنة بـ”النكتة”

لم يكن شعب حمص السورية يتوقع أن تتحول نكاته التي تطلق عليه أو منه إلى شعارات يستخدمها شباب ما يعرف “الثورة السورية” اليوم، فما يحدث جعلها تتصدر قائمة صفحات فايسبوك، حتى باتت تسخر من الوضع الراهن نتيجة ما تتعرض له من حملة هددت وجودها كمتربعة على عرش الكوميديا السورية على صعيد ثقافة الأحياء في المحافظات السورية.

قبل ما يسمى بالثورة السورية، كانت النكتة الحمصية تجد صداها وبقوة، أينما توجهت في سوريا، إلا أنها تحولت اليوم إلى نكتة بـ”ثوب سياسي”، يفرغ فيها السوريون ما يجري من أحداث أثقلت على همومهم. وتلعب النكتة السورية في ظل ما يجري حاليا دورًا مهمًا في تخفيف حدة تراجيديا الموت التي تعيش شوارعها، لتتخذ منحى آخر نحو السخرية من الأمن السوري وعناصره.

من ذلك، النكتة التي تروى عن عناصر أمنية أوقفت سيارة وجدت مع صاحبها كومبيوتر محمول وبطاقة ذاكرة فسأل أحدهم راكب السيارة: “شوهادا؟”، فقال السائق: لابتوب وفلاش ميموري. بادر عنصر الأمن سائلاً مجددًا: معك فايسبوك؟ فرد الشاب: لا… فسمح له بالمرور.

وتذكر نكتة أخرى تتحدث عن كذب القنوات السورية أن ولدًا سأل أباه: صحيح بابا اللي بيكذب بيروح عالنار، فقال له أبوه: لا بابا بيروح أول على قناة الدنيا. كما تذكر إحدى النكات أن الأمير وليام وعروسه كيت قرّرا قضاء شهر العسل في سوريا لأن وكالات الأنباء والمصورين ممنوعون من دخولها.

نكات الحمصيين شاركتهم حتى في لافتاتهم أثناء المظاهرات، وكان أطرفها واحدة يرفعها أطفال وتقول: “سانا: يلزمنا كومبارس لتصوير مشهد مجموعة إرهابية”، وسانا هي وكالة الأنباء السورية الرسمية.

أما الدبابات السورية، فكان لها حصة أيضًا على لسان الحمصيين حتى بات منظرها أمرًا لا مفر منه ضمن كماليات الحياة اليومية في شوارع المحافظات السورية، بخاصة في حمص، فمثلاً يدل الإعلان الآتي على خفة دم محملة بنقاط سياسية عدة؛ “مغسل ومشحم حمص الدولي للدبابات: بسبب تكاثر الدبابات في شوارع سوريا بشكل عام، وحمص بشكل خاص، افتتحنا بعون الله المركز المدني الاول في العالم لصيانة الدبابات. يقوم المركز بكل اشكال الصيانة من الغسل والتشحيم الى غيار الزيت. خدمتكم تسرّنا”.

فيما تذكر النكتة التالية على إحدى صفحات فايسبوك تماهي ما يسمى التضليل الإعلامي السوري على نشر الفتنة بينهم؛ فتعلن عن استعراض عسكري لـ”نظام منظم لطلاب الكلية الحربية في إمارة حمص”، وسيشمل: أولاً: عرض استعراضي للطائرات الورقية المصنعة داخليًا في الامارة.

ثانياً: عرض عسكري في إمارة الخالدية لصاروخ “شحوار٣” المعدل الذي يصل مداه الى تلبيسة. ثالثاً: استعراض لقنابل “باذنجان 1” التي يتم صناعتها في مزرعة أبو خالد، وتباع عند خضرجي الحارة أبو محمد. رابعاً: الرشاش الأوتوماتيكي “ملزمة 2” الذي تم تصنيعه في المدينة الصناعية في حسياء.

وسيحضر الحفل كل من أمير باب السباع وأمير البياضة وأمير بابا عمرو وأمير، فيما سيرسل أمراء تلبيسة والرستن وتلكلخ مندوبين عنهم لانشغالهم بالأعمال العسكرية ضد ما وصفته النكتة بـ”جيش الكيان لسوري الغاشم”. أما التغطية الإعلامية “حصرية لقناة الدنيا” بحسب قول النكتة.

حتى الفنانون لم يسلموا من سخرية النكتة عندما تكمل: “ستحضر الحفل الفنانة أصالة وتلقي أغنيتها بادر للانتساب للكلية لحربية.. في إمارة حمص الإسلامية”. ولعل آخرها، ما جاء في رد على عدم وجود السلفيين في حمص، نكتة معبّرة تقترح فكرة أن يخرج الحمصيون في لباس البحر بالمظاهرات لإثبات أنهم غير سلفيين.
فياض درويش