مضت 4 أعوام منذ عاد خورخي سولاري إلى بلاده، عقب نهاية تجربته المونديالية المذهلة مع المنتخب السعودي، كان يسير في شوارع سانتا في، المدينة الأرجنتينية، يتجاذب أطراف الحديث مع هذا، ويحيي ذاك، وأحياناً يلقي نظرة على الأطفال الذين يلعبون الكرة، في الوقت الذي أنهى به دينيس بيركامب أحلام التانغو باستعادة لقب مارادونا الخالد بمونديال 1986.
لاحظ سولاري طفلاً لا يتجاوز الـ14 من العمر، قرر الوقوف ومتابعته لمعرفة كيف يحمل هذا الجسد الصغير قدرات لاعب مخضرم.. ويقول: “لاحظت طريقة تحكمه بالكرة، يمرر ولا يخطئ أبداً، وعندما ترتد الكرة يكون أول من يقطعها، لديه كاريزما تجعله يقود زملاءه بهدوء، ودون أن يصرخ. شعرت أن هذا الفتى سيكون شيئا مهما في عالم كرة القدم، وبدأت أراقبه من حين لآخر، وبعدما تأكدت من موهبته أشرت على والده بأن يضمه لنادي ريفربلايت العريق كي يتحسن مستواه ويكون جاهزاً لاحتراف كرة القدم”، وهكذا اكتشف الأرجنتينيون خافيير ماسكيرانو، قائدهم المستقبلي.
من ريفربلايت، حيث صعد مباشرة إلى المنتخب الوطني وعمره لا يتجاوز 19 عاماً، إلى كورنثيانز البرازيلي، حيث رحل إلى بلاد السامبا التي يعود إليها اليوم آملاً بالتتويج بالبطولة التي يتمناها منذ زمن، حقق الدوري البرازيلي في موسمه الأول، وقرر الرحيل صوب القارة العجوز برفقة زميله كارلوس تيفيز، وتحديداً إلى ويست هام يونايتد، وعن ذلك تقول الصحافة البريطانية: “الثنائي الأرجنتيني أنقذا ويست هام من الهبوط في عام 2007، لكن وبحكم تسجيل تيفيز للأهداف، كان محبوب الجماهير، فيما ماسكيرانو، الذي يقوم بأدوار أكثر أهمية في خط الوسط والجوانب الدفاعية، لا يحظى بالشعبية ذاتها”، وبعد 6 أشهر قرر ماسكيرانو مغادرة شرق لندن والرحيل إلى ليفربول، وبات بعد ذلك عنصراً هاماً في تشكيلة الحمر، وصولاً إلى تقلد شارة قيادة منتخب التانغو.
تجربة ليفربول، وعلى الرغم من إيجابيتها على المستوى الرياضي بالنسبة لخافيير، فإنها لم تكن بذلك المستوى على الصعيد الشخصي، ويقول: “الحياة صعبة جداً في ليفربول، لا يوجد سوى أرجنتيني واحد في المدينة، أعيش في شقة معزولة ولا أستطيع التواصل مع أي شخص، عندما أريد التنزه أذهب للتسوق، وأحياناً لا يوجد خيار لدي سوى الذهاب إلى لندن”. ويتابع: “المشكلة لا تتعلق بي أنا، بل بزوجتي وطفلتي. زوجتي لا تتحدث الإنجليزية مطلقاً، ولا تستطيع فعل أي شيء دون وجودي، وهنا مكمن الصعوبة في ليفربول”.
بعد 3 أعوام مع ليفربول، رحل الأرجنتيني إلى برشلونة لأسباب رياضية وعائلية، في النصف الأول من الموسم كان احتياطياً لسيرخيو بوسكيتس، لكن بيب غوارديولا تفتق ذهنه عن مركز جديد لخافيير في قلب الدفاع، وعن ذلك يقول خافيير: “أعلم أنني لن أعود للعب في خط الوسط مجددا، وبدلا من ذلك أصبحت أقاتل للحصول على خانة في قلب الدفاع، وحقيقة لا أجد هذا الأمر سيئا، حيث اعتدت على اللعب في هذا المركز، وأصبحت أستمتع كثيرا بالوجود في تلك الخانة، خصوصا مع الطريقة التي يلعب بها الفريق والتي تسهل علي مهمتي كثيرا، والآن أنا أحاول أن أطور نفسي أكثر فأكثر في هذا المركز، وأستطيع القول إن من إيجابيات الوجود في برشلونة هو معرفتي للعب دور لاعب قلب الدفاع، وهو أمر لم أعرفه من قبل”.
نجاحاته مع برشلونة ضمنت له مكاناً دائماً في المنتخب الأرجنتيني الذي يبتعد عن لقب كأس العالم 90 دقيقة فقط، وعندما سُئِل قبل عام وأشهر عن دور ميسي بمساعدة الأرجنتين في المونديال، أجاب: “تحميل ميسي وحده مهمة الحصول على كأس العالم أمر غير منطقي، نحن بحاجة لمعرفة أن اللاعب لا يستطيع تحقيق كأس العالم وحده، ويلزمه وجود فريق متكامل وراءه للحصول على ذلك اللقب”. ويتابع: “علينا مساعدة ميسي ومنحه الفرصة للتألق بقميص المنتخب على غرار ما يفعله دائما مع النادي”.
ووصولاً إلى مباراة الأمس، أوفى ماسكيرانو بالوعد الذي قطعه لميسي، حيث لعب جميع الدقائق مع منتخب بلاده في المباريات الـ6 الماضية، وهو أفضل لاعب مرر كرات سليمة بالمونديال بنسبة تبلغ 86%، وأكثرهم التحاماً مع الخصم بواقع 28 مرة، وأنقذ منتخب بلاده بتدخل رائع ضد أريين روبن في الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع.
يقول عنه بيب غوارديولا: “ماسكي لا يتغير مطلقاً، فهو لاعب من طراز رائع. لن أبالغ إن قلت إنه أفضل صفقة قام بها برشلونة منذ سنوات”، أما دييغو مارادونا، الأسطورة الخالدة فيقول: “أتمنى أن كل لاعب بنفس قتال وغيرة ماسكيرانو على القميص الذي يرتديه. إنه مثال يجب الاحتذاء به”.