تعد مقبرة خُزيمة أشهر وأقدم مقابر اليمن وهي تقع وسط العاصمة اليمنية صنعاء محاطة بمؤسسات حكومية هامة أبرزها البنك المركزي ومكتب رئاسة الجمهورية وناديي ضباط القوات المسلحة وضباط الشرطة إضافة إلى بعض الفنادق والبنوك التجارية.
وتتعدد الروايات التاريخية حولها حيث تذهب إحداها إلى أن المقبرة هي باسم ابنة تاجر يهودي ورثت عنه أموالا وأراضٍ شاسعة في صنعاء مشيرة إلى أن تلك الفتاة التي تدعى “خُزيمة” أسلمت بعد وفاة والدها وقبل أن تتوفى هي أوصت بجميع الأموال والأراضي التي ورثتها عن والدها لتكون وقفا للفقراء والمساكين في اليمن فكان أن تم دفنها في ذلك المكان وإطلاق اسم “مقبرة خُزيمة” على مساحة واسعة تحيط بقبرها وجرى تسويرها لاحق.
وضمن تسعة من أبواب مدينة صنعاء القديمة هناك باب يسمى “باب خُزيمة” وهو باتجاه الجنوب ويؤدي إلى مقبرة خُزيمة.
وفيما قالت مصادر محلية وأخرى في وزارة الأوقاف أن الأثرياء من المسؤولين ورجال المال والأعمال يتسابقون على حجز قبور في خُزيمة بأسعار مرتفعة يتراوح بعضها بين 500 إلى 1000 دولار أمريكي, تحدث لـ”العربية.نت” المسؤول عن المقبرة عادل السفياني قائلا: الحقيقة أن تلك الأرقام مبالغ فيها حيث إن سعر القبر في خُزيمة هو 5000 ريال يمني, وهناك بالفعل قبور محجوزة من سنوات لعائلات ثرية.
ونتيجة لنظام الحجوزات أصبحت المقبرة غير قادرة على استقبال أموات جُدد, ولذلك نحن منذ ثلاثة أشهر نسعى إلى استصدار قرار من وزارة الأوقاف يمكننا من إلغاء نظام الحجوزات وبالتالي جعل تلك المقابر التي حجزها البعض منذ ثلاث سنين وأكثر متاحة لكل الأموات بغض النظر عن طبقاتهم.
ولفت السفياني إلى أن هناك قبورا مطمورة تعود إلى زمن الحكم العثماني والوجود التركي في اليمن وتم إعادة الاستفادة منها لعدم وجود أي أثر لمن تم دفنهم فيها منذ أكثر من 100 عام.
ونوه السفياني إلى أن أغلب المدفونين في مقبرة خُزيمة هم من المشاهير قديما وحديثا سواء كانوا سياسيين أو قادة عسكريين أو أثرياء ومثقفين وشعراء وإعلاميين وعلماء دين ومن أبرزهم الإمام محمد كوكبان الذي كان حاكما في العصر الملكي والملك أسعد الحوالي الذي حكم اليمن فترة من الزمن وكانت عاصمة ملكه مدينة شبام كوكبان, والإمام محمد الشوكاني الذي يعد أبرز الأعلام الدينية في تاريخ اليمن الإسلامي, واللواء عبد الرقيب عبد الوهاب أحد أشهر رجالات الثورة اليمنية في الستينيات, وشاعر اليمن الكبير الراحل عبد الله البردوني, كما أن عددا من الرؤساء اليمنيين كانت تنتظرهم خُزيمة قبل أن تنشئ السلطات مقبرة “الشهداء” لتكون خاصة بالرؤساء وكبار جنرالات الجيش.
وكتب عنها الشاعر اليمني الحداثي عبد الكريم الرازحي قصيدة بعنوان “خُزيمة” مما جاء فيها ” خُزيمة قلب المدينة… كل الشوارع تبدأ منها وكل الدروب تقود إلى بابها,, إنها بيتنا..” .
وقبل أيام شهدت المقبرة فعالية مثيرة حين توجه إليها العشرات من الشعراء والأدباء والمثقفين والفنانين حاملين نعشاً تعبيرياً لإعلان وفاة المؤسسات الثقافية الرسمية في البلاد كنوع من الإدانة والاحتجاج على الواقع الثقافي القائم في اليمن.
كما احتضنت المقبرة معرضا للصور للفنانة التشكيلية آمنة النصيري وفنانين ورسامي كاريكاتير آخرين وذلك لكسر نمطيات صالات المعارض المغلقة ولتعرية غياب ضمير الدولة ومسؤوليتها تجاه حقوق الإنسان كما قالت الفنانة آمنة النصيري.