لا بد أن يكون لأي حدث كبير معادلاته في ميادين الإعلام الحديث، لذا كان لا بد من منابر جديدة في الثقافة والإعلام والسياسة تجسد صوت الثورة السورية. بعد أربعين عاماً من التغييب والتهميش الثقافي والسياسي والاجتماعي، وأحادية الصوت في محطات الإعلام الرسمي السوري، والتي كانت ولا تزال تمارس مديحها اليومي بمناقب السلطان وحاشيته، وحض المواطن السوري لشكر ربه ليل نهار على نعمة وجود نظام سياسي متطور وحداثي ومقاوم أيضاً كنظام الأسد، كان لا بد للثورة أن تجترح بديلاً.
في أكتوبر/تشرين الأول من العام السابق، أطلقت مجموعة من السوريين مشروع راديو “سوريالي”، الاسم الذي يحمل دلالتين، الأولى تشير إلى المفارقة التي وصلت إليها الحالة السوريالية في البلاد السورية، والثانية تصر على “سوريا لي” ضمن دولة المواطنة والكرامة المنشودة، التي من شأنها أن تعيد الاعتبار للفرد، وأهمية دوره في صناعة الدولة الجديدة. وفي حديثها لـ”العربية.نت” قالت كارولين أيوب، مديرة المشروع “نحن مجموعة من الشباب السوري، نعمل مع بعضنا منذ زمن بعيد. وبسبب ازدياد المشاكل، وتسارع الأحداث في سوريا، وسوء الأوضاع الاجتماعية، وجدنا أن دورنا ومسؤوليتنا هي خلق فسحة ومساحة حرة للشباب السوري. مساحة ليعبّر من خلالها عن رأيه، وآلامه وأحلامه وتطلعاته المستقبلية، مساحة حرة، يسمع منها السوريون صوت بعضهم بعضاً، فأسسنا راديو “سوريالي.
“سوريالي” الذي يستمد قضاياه وأفكاره من الواقع اليومي المعاش للمواطن السوري، الذي يقدم بصيغة برامج ترفيهية وحوارية معرفية، الهدف منها موازاة الحدث بلغة نقدية تساهم في رفع مستوى الوعي عند الفئة المستهدفة أي “الشباب”.
وفي هذا السياق، تقول أيوب “الحلم والفكرة من راديو سوريالي، هي أن يصل صوت شباب سوريا المستقبل إلى كل السوريين، أي أن يسمع السوريون على مختلف انتماءاتهم وأفكارهم، صوت بعضهم. وأن نخلق مكاناً مستقلاً للحوار والنقاش والنقد البناء”.
لا خطوط حمراء في المواد المقدمة على موجات راديو سوريالي، إلا كل ما يحض على الطائفية والعنف والتفرقة. كما يوفر الراديو عبر موقعه على الشبكة العنكبوتية إمكانية الاستماع إلى برامجه وفقراته بشكل مباشر، أو بشكل لاحق عبر أرشيفه. وعن غاية المشروع والهدف منه تضيف أيوب لـ”العربية.نت” نريد لراديو سوريالي أن يكون صدى لصوت السوريين، يُسمِع همومنا ومشاكلنا، وعبره نحاول التخفيف عن بعضنا بعضاً في ظل هذه الظروف الإنسانية الصعبة. وتضيف “نريد أن نقول إن وجعنا واحد، قهرنا وحزننا واحد، والأهم أن بلدنا واحد، ويجب علينا أن نركز مجهودنا وقدراتنا على الأمور الجامعة، وليس على ما يفرقنا، فحلمنا بسوريا المستقبل واحد”.