كشفت المسنة المصرية سعدية عبد السلام عاصي، التي دس لها متهمون المخدرات في حقيبتها، خلال رحلتها لتأدية العمرة، أبريل الماضي، عن تفاصيل مرعبة، توضح جانباً من الطرق التي يستغلها تجار المخدرات.
وروت المعتمرة، تفاصيل قضيتها من البداية للنهاية، مقدمة النصح للحجاج والمعتمرين بالاستفادة مما حدث لها، وعدم حمل أي حقائب غير حقائبهم الشخصية، منعاً لوقوعهم ضحية لتجار المخدرات.
وقالت إنها تقيم في قرية درين مركز نبروه بمحافظة الدقهلية، وكانت تحلم بأداء العمرة، بعدما فقدت ابنها الشاب الذي توفي منذ 3 سنوات ولكن ظروفها المالية لم تسمح لها بذلك، حتى فوجئت بجارتها تخبرها، أن شقيقها يعمل مع رجل أعمال سعودي، وسيحقق لها أمنيتها في تأدية العمرة، وفق قوله.
وأضافت أن جارتها قالت لها إن رجل الأعمال السعودي كان لديه ولدان، توفي الأول، وأصيب الثاني بمرض خطير، وتعهد بالتكفل بنفقات تأدية العمرة لـ 15 معتمراً من البسطاء والفقراء إذا منَّ الله على ابنه بالشفاء، وبالفعل شُفي ابنه تماماً، وقرر تنفيذ ما تعهد به، مضيفة أن هذه الجارة أخبرتها أن شقيقها سيرتب لها رحلة العمرة، وسيتولى إنهاء الإجراءات، طالبة منها استخراج جواز السفر لإصدار التأشيرة.
وأكدت الحاجة سعدية أنه وفق حديث شقيقة المتهم معها، فقد أبلغتها أن شقيقها سيقوم بتسفير 15 شخصاً آخرين معها، بينهم مصري من جنوب سيناء يدعى تامر.
وكشفت أن أولادها أنهوا إجراءات استخراج جواز السفر. وفي الموعد المحدد للسفر، أعطاها جارها ـ الذي كان يقيم في السعودية، ووصل مصر لقضاء إجازة ـ رقمه السعودي، حتى يمكنها التواصل مع أسرتها من خلاله، مشيرة إلى أن المتهم انتظرها بسيارة صغيرة خارج القرية، رافضاً أن يصطحبها من منزلها.
وقالت إنها استقلت السيارة معه، وكانت أول مرة تشاهده في تلك اللحظة، وعقب تحركهم في طريقهم لمطار القاهرة، فوجئت بقائدها يتخذ طريقاً آخر غير الذي اعتاد أهالي المحافظة السفر عليه للقاهرة، وهو ما أثار شكوكها، لذا سألت السائق عن سر اختياره طريقا آخر غير معتاد للسفر، فأخبرها أنه فعل ذلك لاختصار المسافة وتقليل زمن الرحلة.
وأضافت المسنة المصرية أن المتهم أوقف السيارة في منتصف الطريق لتناول الشاي، وفوجئت به يفتح حقيبتها، ويحاول وضع ملابس وأشياء أخرى فيها من حقيبة صغيرة كانت في السيارة، فاستدارت له، ونهرته وطلبت منه عدم وضع أي أشياء في حقيبتها، مشيرة إلى أنه قال لها إن هذه الملابس تخص زوجة رجل الأعمال السعودي المتكفل برحلة العمرة، كان قد اشتراها لها والدها قبل وفاته، وتركتها في آخر زيارة لها للقاهرة، وتريدها للاحتفاظ بها كذكرى.
وتابعت أنها رفضت كافة محاولاته، واتصلت بأولادها وأخبرتهم بما يريد فعله، فنهروه، وسجلوا هذه المحادثة معه على هاتفهم، بعدما أثار موقفه شكوكهم، مؤكدين له أن ظروف والدتهم الصحية، تمنعها من حمل أشياء ثقيلة، والتزم الرجل ولم يكرر الأمر مرة أخرى.
عقب وصولها لمطار القاهرة، قالت إنها فوجئت بالمتهم يحمل الحقيبتين، وهي حقيبتها، والحقيبة الصغيرة، ومنح شخصا يعمل بحمل الحقائب في صالات السفر، مبلغا وجعله يضع الحقيبتين معا، ويغلفهما، ودوَّن اسمها عليهما، مستغلاً جهلها بالقراءة والكتابة، مشيرة إلى أن الحقيبتين مرتا من كافة أجهزة المطار، دون أي مشكلات، وهو ما هدأ من روعها، وتأكدت أن الحقيبة ليس بها أي ممنوعات قد تخضعها لمساءلة قانونية.
وصلت الحاجة سعدية لمطار ينبع في تمام الساعة 11 مساء ذلك اليوم، وخلال سير حقيبتها على الأجهزة، استوقفها رجل أمن سعودي، فساورها القلق مرة أخرى، وفور أن أخبرها أن حقيبتها بها مخدرات، سقطت على الأرض مغشياً عليها، ولم تستعد وعيها إلا وهي أمام جهات التحقيق، موضحة أنها فوجئت أن السلطات السعودية، احتجزت معها المصري الآخر، ويدعى تامر ولم تفرج عنه إلا بعد 12 يوماً بعدما تأكدت من سلامة موقفه.
وقالت المسنة المصرية إن التحقيق معها استمر 8 ساعات متواصلة، وكان التعب والإرهاق قد تمكنا منها، واستغلت خروج المحقق للذهاب لدورة المياه، واتصلت على الفور بابنتها في مصر، وأخبرتها بما حدث، مضيفة أن ابنتها ذهبت لشقيقة الشاب صاحب الحقيبة، واقتادتها بمساعدة الجيران لمديرية أمن الدقهلية، وقدمت للمسؤولين تسجيلاً بالمحادثة التي تمت بينهم وبين المتهم، ورفضهم أن تحمل والدتهم لحقيبته، مؤكدة أن أبناءها وأحفادها قاموا بعرض قضيتها على الإنترنت ومواقع التواصل ووسائل الإعلام، طالبين من المسؤولين مساعدتها في تبرئتها.
استمرت الحاجة سعدية في السجن 43 يوماً، وتعاطف معها المحققون السعوديون، ووصلت قضيتها للسفارة المصرية التي لم يتوان مسؤولوها في مساعدتها، وتعاونوا مع السلطات السعودية لإثبات براءتها، حتى استيقظت صباح يوم على طرقات باب زنزانتها، لتخبرها السجانة أنهم أوقفوا الشاب المتهم صاحب الحقيبة في مصر، واعترف بجريمته وأنه دس المخدرات لها.
وأضافت أن السلطات السعودية أطلقت سراحها عقب وصول التحقيقات من النائب العام المصري، لكنها رفضت ترحيلها لحين إحالة المتهم للمحاكمة، ولذلك أقامت في أحد الفنادق على حساب السفارة المصرية، فيما تكفل مسؤول سعودي كبير باستضافة ابنتيها واستقدامهم من مصر للإقامة معها لحين مغادرتها، كما تكفل هذا المسؤول بنفقات تأديتها وابنتيها للعمرة خلال رمضان الماضي.
وفور إحالة المتهم للمحاكمة في مصر، تم السماح لها بالمغادرة، والعودة لبلادها، وقدمت المعتمرة النصح لمن يرغبون في أداء العمرة، بألا ينساقوا وراء الدعوات المجانية والمشبوهة للتكفل بنفقات العمرة، فوراءها عصابات منظمة، وألا يحملوا حقائب أي أحد.
المفاجأة التي كشفت عنها الحاجة سعدية وتحقيقات الأجهزة المصرية أن الشاب المتهم بتسفيرها ودس المخدرات لها ويدعى عبد الله المنزلاوي منح 6 آخرين تأشيرات عمرة، وكان ينوي تسفيرهم ودس مخدرات معهم، لو نجحت خطته.
واعترف المنزلاوي على 3 مصريين آخرين من أبناء مدينة نبروه، كانوا يساعدونه في البحث عن الضحايا، كما اعترف على مصريين آخرين يعملون في السعودية، وأنهم كانوا شركاء في تكوين تشكيل عصابي، من أجل تهريب عقار الكبتاغون المخدر إلى السعودية، وذلك عن طريق حقائب يتم حملها من جانب كبار السن الذين يسافرون لأداء العمرة، مضيفاً أنه دس للحاجة سعدية 32 ألف عقار مخدر في جيب سحري بالحقيبة الثانية التي حملتها معها، ولا يمكن كشفها إلا بالتفتيش اليدوي.
وقال المتهم وفق ما صرح به مصدر قضائي مصري لوسائل إعلام مصرية وقتها إن أفراد العصابة يشترون ما يسمى الحقائب الكربونية، حيث تحتوي على مواد كربونية أسطوانية يتم وضعها في أركان الحقيبة، ويصعب على أجهزة المطارات اكتشاف ما بداخلها، مضيفاً أن قيمة الحقيبة الواحدة تبلغ 20 ألف جنيه.