على غير عادة كثير من الشباب والفتيات الذين يفضلون التطوع في أعمال خيرية، كرعاية المرضى، واليتامى، وتنظيف الشوارع؛ اختار آخرون مسح دموع اللاجئين “يتامى الوطن” المقيمين في مصر هربا من الاضطهاد، أو جحيم الحروب الأهلية التي يعانون منها.

قد لا يتحدث هؤلاء اللاجئون نفس لغة المتطوعين، وقد لا يؤمنون بالدين نفسه، لكن تبقى أخلاق الإسلام الداعية إلى مد يد العون لكل ذات كبد رطبة دافعا قويا لاستمرار الشباب والفتيات في رحلتهم نحو مسح دموع “يتامى الوطن“.

صلاح عبد الصبور، الطالب بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أحد المتطوعين لتقديم الخدمات للاجئين يقول عن هذه التجربة: عندما التحقت بالجامعة وجدت فرصا كثيرة لتقديم الخدمات للمحتاجين، بداية من جمع التبرعات للفقراء، أو شراء الهدايا والمواد الغذائية، وتوزيعها على المحتاجين، وربما أيضا تنظيم زيارات ميدانية لبعض الأحياء العشوائية لتقديم النصح والخدمات للسكان، وكل ذلك كان يستهويني جدا بحكم تعلقي بالعمل التطوعي”.

الأكثر نبلا

ورغم ذلك وجد صلاح نفسه فعليا عندما تطوع لخدمة اللاجئين ضمن مجموعة من زملائه بالجامعة. المرة الأولى لم تكن بالنسبة له أكثر من عمل تطوعي تقليدي، وسرعان ما غيّر رأيه تماما، وقرر التحول إلى هذا العمل “الأكثر نبلا” كما يصفه. بحسب صحيفة “الخليج”.

أحمد حسنين، الطالب بكلية التجارة وأحد المتطوعين، يشرح أيضا نبل العمل التطوعي في خدمة اللاجئين بالقول: “من الجيد مساعدة المحتاجين من أبناء بلدك، سواء بتقديم المواد الغذائية أو المال أو حتى التردد على المستشفيات، ورفع الروح المعنوية للمرضى، لكن هؤلاء لا يعانون الشعور بالغربة، هم في النهاية بين أقاربهم أو جيرانهم الذين يعطفون عليهم حينا، ويقدمون يد العون أحيانا. لكن اللاجئين لا أهل لهم ولا جيران ولا حتى مصدر دخل”.

ويتابع حسنين: “اللاجئون في كل دول العالم يعيشون في ظروف غاية في القسوة، وتزداد الأمور تعقيدا في حال إقامتهم بدولة نامية، حينها سيواجهون وضعا لا يُحسدون عليه بدرجة قد تجعل أغلبهم لا يملك قوت يومه، ولن تكون أمامهم فرصة للحصول على عمل؛ لأن أبناء البلاد أنفسهم يعانون البطالة”.

الحل هنا يأتي من خلال الجمعيات الأهلية التي يقع على عاتقها تقديم العون للاجئين. هذا ما تراه سامية عطية، التي تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

وتوضح سامية كيف التحقت بخدمة اللاجئين بالقول: “البداية كانت عندما غطيت احتفالية مفوضية اللاجئين بالقاهرة باليوم العالمي للاجئين الذي يقام في شهر يونيو/حزيران من كل عام لمجلة الكلية كجزء من مشروع تخرجي، وشاهدت مجموعة من الشباب المصري يتولى مهمة تنظيم كل شيء، وعندما تعرفت إليهم اكتشفت أن كل ما يفعلونه عمل تطوعي يهدف فقط لفعل الخير”.

وتشير إلى أنها لم تفكر طويلا في الانضمام إلى هؤلاء المتطوعين، وأغلبهم من الطلاب؛ إذ علمت أنهم ينتمون لأسر جامعية وأعضاء بجمعيات خيرية مختلفة، وأنها تبادلت أرقام الهواتف مع المتطوعين لتشاركهم العمل الخيري.

وتتابع: “أغلب اللاجئين ينتمون إلى دول إفريقية فقيرة، وتعاني حروبا أهلية أو مجاعات قاسية، وكل ذلك ينعكس على وجه اللاجئ القادم من تلك البلدان، فأغلبهم يعاني البؤس والشقاء، ويكاد يطير من السعادة عندما نمد إليه يد العون لو كانت المساعدة رمزية، ويكفيهم أن يشعروا بأن هناك من يهتم بهم ويذهب إليهم”.

ندى السقا التي شاركت في أكثر من احتفالية للاجئين، تقول: أقام مركز “التاون هاوس” الثقافي بوسط القاهرة احتفالية خاصة باللاجئين، وحاول الجميع المساهمة في مسح دموعهم، واستبدالها ببسمة على الوجوه لا سيما أن جميعنا يعلم جيدا حجم المأساة التي يعيشون فيها”.

وتشير ندى إلى أن اللاجئ عادة ما يشعر بمرارة داخلية تنجم لكونه اضطر إلى ترك بلاده، ويتعمق هذا الشعور إذا استمرت معاناته في البلد الذي يقصده، موضحة أنهم في مصر مضطرون لتحمل الأوضاع الاقتصادية الصعبة فيها ولا يخفف عنهم سوى المعاملة الطيبة التي يجدونها من المصريين، وإن لم يكن بأيديهم فعل شيء لمساعدتهم.

عدد اللاجئين

وتقدر مصادر رسمية في مصر أعداد اللاجئين إليها بـ50 ألف لاجئ، غير أن المنظمات غير الحكومية والباحثين يقدرون العدد بما يتراوح بين نصف مليون إلى ثلاثة ملايين لاجئ.

ويعيش في مصر لاجئون ينتمون إلى 38 دولة، تنتمي أكبر مجموعة منهم إلى السودان، والعراق، وفلسطين، وإريتريا، والصومال، وإثيوبيا، إلى جانب عدد من دول إفريقيا مثل: رواندا، والكونجو، وبوروندي، وليبريا، وساحل العاج، وبدرجات أقل من بلدان أخرى غير إفريقية مثل بنجلاديش، والصين، وروسيا، فضلا عن بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.

ويتولى مكتب مفوضية الأمم المتحدة بالقاهرة تقديم يد العون للاجئين المقيمين بمصر، غير أنه في كثير من الأحيان لا ينجح في تقديم كل الخدمات وحده، وهنا تظهر أهمية الجمعيات الأهلية والحقوقية التي تتولى مهمة مساعدة اللاجئين.

والنوع الأخير من المؤسسات؛ أي التي تدار من قبل المجتمع المدني أو الكنائس ودور العبادة، لا تقدّم المساعدة للاجئين لتحسين فرص الحياة في أثناء وجودهم في مصر، وإنما تركز بالأساس على توفير احتياجاتهم المعيشية الأساسية الحرجة الآنية.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫11 تعليق

  1. بالرغم من ان الجامعات الامريكية في البلاد العربية خاصة في لبنان ومصر قد انشأت من قبل الامريكان لتخريج رجال ونساء يكونوا متعاطفين مع الغرب عامة والولايات المتحدة وسياساتها خاصة !!! الا اننا لاحظ ان افضل رجال السياسة والوطنية والعاملين في الحقل الاجتماعي هم من خريجي تلك الجامعات ، ليس بالطبع لان الجامعات الوطن تعلمهم حب اوطانهم ، بل لان طريقة التدريس فيها تفتح اذهانهم وتجعلهم يفكرون بطريقة علمية ومنطقية صحيحة بعكس الجامعات العربية التي يكون همها فقط تخريج موظفين يفهمون في المواد التي درسوها ولا يعيرون لاذهانهم بالا …

  2. اللهم اكثر من الاسلام واهله فعلا الاسلام يد عون للجميع .
    copy & paste

  3. صدق أم الدنيا! كم تعدادها من الأصل؟ وفوقاها تستقبل من غير دول,
    ومن ملاحظتي ميزة العراقيين اللي بمصر أنهم سعداء كأنهم موجودين في العراق!
    عمار يا مصر

  4. مع ذلك أدعو الى تخفيف الهجرة الى داخل مصر وألاّ لن يبقى كفاية من الهواء الصحّي

  5. ماشى يا بغداد حناخد بالنصيحه
    بس انتى ناويه تاكلى الكباب والكفته فى الحسين امتى؟؟؟
    ولا الحمام المحشى؟؟؟
    ع فكرة احتمال كبير يكون اخرك كشرى ههههههههههههههه

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *