سي ان ان — وجه طارق الحبيب، البروفسور واستشاري الطب النفسي السعودي والأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، الدعوة إلى الناس لترك المعانقة والمصافحة في الفترة الحالية وعدم الإصرار عليها، في ظل انتشار فيروس “كورونا” كما حض الدولة على التصدي لظاهرة المجازفة بالقيادة “التفحيط” قائلا إن أحد “المفحطين” كاد يتسبب بموته.
وقال الحبيب، في تغريده له عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “رغم الخوف من كورونا فإن البعض مازال يصر على المعانقة ولا يكتفي بالمصافحة !ألا تعتقدون أن ترك المصافحة أيضاً ولو مؤقتا أحد وسائل الوقاية؟”
وقام الحبيب أيضا بإعادة إرسال عدد من التغريدات الصادرة عن جهات رسمية مختلفة حول سبل الوقاية من الفيروس، وخاصة في فترة الحج والعمرة، أما بموضوع “التفحيط” فقال: “قبل قليل مفحط كاد يودي بحياتي وأسرتي.. بلد استطاع بإبداع السيطرة على الإرهاب لن تعجزه ظاهرة التفحيط في الشوارع.”
وأعاد المئات من متابعي الحبيب الذين يزيدون عن 3.8 ملايين شخص عبر تويتر تغريد دعوته لتجنب المصافحة بسبب كورونا، وقال أحد متابعيه: “الله هو خير حافظ وهو خير شاف” بينما قال مغرد آخر: “مشكور اخوي طارق.. لا والله إلا نبي نصافح ونعانق بعض ولي كاتبه ربك بيصير توكلنا على الله سبحانه.”
شعب غريب كلام هالرجل سليم من حيث منع العناق و السلامات الكثيرة
وقال أحد متابعيه: “الله هو خير حافظ وهو خير شاف” بينما قال مغرد آخر: “مشكور اخوي طارق.. لا والله إلا نبي نصافح ونعانق بعض ولي كاتبه ربك بيصير توكلنا على الله سبحانه.”
===
التوكل على الله ومن توكل على الله كفاه
اما الوزير السابق يكفيه الايباد يتسلى فيه
.د عبدالله بن عبدالرحمن الحقيل*
أصبح الكورونا حديث الساعة لدى المجتمع السعودي، وقد انتشر الخوف والهلع بين الناس، وكما الحال في مثل هذه المناسبات كثر المحللون والمفتون بأسباب انتشاره والتهويل من نتائجه وعواقبه. بعيداً عن التنظير دعونا نتطرق الى هذا المرض نشأته وأسباب انشاره وما هي التوقعات المستقبلية من منظور علمي صرف.
تم التعرف على فيروس كورونا في عام 1965م على يد الباحثين في علم الفيروسات تايلور وبينوي حيث اكتشف كمسبب رئيسي لنزلات البرد “الزكام” وبعض النزلات المعوية “الإسهال” كانت في جلها إصابات عارضة لا تؤدي الى مضاعفات سوى من لديه خلل في الجهاز المناعي، وبعد البحث عن مصادر الفيروس تبين أن الكثير من الحيوانات بما فيها القوارض الخفافيش، الدواجن، الكلاب والخنازير لديها مضادات مناعية “تعرضت سابقاً للإصابة” وهي مصدر انتقاله للبشر.
تقسم الإصابات البشرية والحيوانية إلى ثلاث مجموعات حسب التركيب الجيني للفيروس، وبعيدًا عن التعقيدات العلمية والمخبرية ونظراً لبساطة الحالات السريرية للإصابات لم يلقَ له بال حتى نهاية 2002 عند ظهور وباء السارس، والذي أضر بنحو 29 بلداً حيث اصاب نحو 8 آلاف شخص مخلفاً 774 وفاة على مستوى العالم، وهو ينتمي لنفس مجموعة كورونا “التاجية”.
عرف عن هذه الفيروسات سابقاً عدم القدرة للانتقال بين البشر “من شخص إلى آخر” إلا أن الطفرة الجينية غيرت من مساره ومكنته من الانتقال بين البشر، وقد اثبتت الدراسات حينها أن حوالي 40% من الحيوانات البرية و20% من الجزارين لديهم مضادات مناعية من هذا الفيروس بالرغم ان أياً منهم لم تظهر عليه أعراض الإصابة.
تم اكتشاف حالات كورونا بالسعودية قبل حوالي العامين وبجهود شخصية من احد المختصين “عوقب بقسوة للأسف بدل التكريم” واستناداً للخبرة السابقة كان الاعتقاد ان مصدر الاصابة هو الخفافيش او القوارض، وعند الاستقصاء الوبائي تبين عدم تعرض اي من المصابين لتلك المصادر المحتملة، وفي العام الاول كان عدد الاصابات محدوداً ويحدث على فترات متباعدة، حتى حدثت المشكلة بالأحساء حيث انتقل المرض بين عدد من مراجعي مرضى الغسيل الكلوي وبعض الممارسين الصحيين حينها تأكد تغير مسار الفايروس حيث اكتسب قابلية الانتشار بين البشر وهذه خاصية لم تكن معهودة عند هذه الفصيلة من الفيروسات.
في ذلك الوقت اقترحنا على وزارة الصحة وتمشياً مع الأسس العلمية عمل فحص ميداني شامل(Mass Screening) للتعرف على ضراوة الفيروس “معدل الوفيات والمضاعفات” وكما هو معروف في الإصابات الفيروسية المشابهة هناك الكثير من المصابين لا تظهر لديهم أعراض وهذه المعلومة على درجة عالية جداً من الأهمية للمعالجين، فمثلاً عند بداية انفلونزا الخنازير بالمكسيك كانت النتائج الأولية تبين نسبة الوفيات 80% من الاصابات، إلا أنه بعد عمل الفحص الميداني الشامل تبين أنها لا تتجاوز 11%. بكل أسف لم تأخذ الوزارة بهذه التوصية إلا في وقت متأخر جداً مما تسبب بتخبط في الوسط الطبي وهلع لدى العامة حيث تبين النتائج الأخيرة وبعد عمل فحص ميداني محدود للمخالطين ان نسبة الوفيات لا تتجاوز 30% ومن المؤكد ستكون أقل من ذلك بكثير عند التوسع بالكشف الميداني. هذه نبذة موجزة عن تاريخ المرض وطبيعته تبين أن فيروس كورونا الحالي(MERs CoV ) أقل ضراوة واضعف انتشاراً من انفلونزا الخنازير والسارس.
إذن أين المشكلة لماذا استطاع العالم السيطرة على جوائح اكبر واشد خطورة في مدة اقصر؟
تكمن مشكلة كورونا الحالية في سوء التعامل معها.
عند ظهور المرض ارتكبت وزارة الصحة خطأ قاتلاً حيث احتكرت لنفسها التعامل مع المرض ومنعت جميع الجهات الطبية بما فيها مراكز الابحاث والجامعات حتى من عمل الفحوصات التشخيصية واجبرتهم “بأمر قيادات الصف الثاني بالوزارة” على إرسال جميع العينات الى مختبراتها المركزية وحينها طلبنا اعطاءنا بعض العينات لعمل دراسات تتعلق بالتركيب الجيني وخصائص الفيروس رفضوا ذلك وأرسلوا العينات الى مختبرات خارجية في هولندا وبريطانيا وسيوسرا وهو ما اتاح لتلك المراكز قصب السبق (رغم توفر الكفاءات المحلية لتحديد نوعية الفيروس والمصادر المحتملة). اولى الدراسات كانت من هولندا حيث تم فحص عينات من الجمال في قطر وبعض الدول الخليجية اثبتت إيجابيتها وتبين لاحقاً ان الجمال في السعودية حاملة للفيروس ومن الفحص المخبري تبين تطابق جيني بين الفيروس المصيب للبشر والجمال، وعلمياً يمكن القول إن الجمال هي أحد مصادر الإصابة باحتمالية عالية جداً.
اعتمدت الوزارة على معلومات طبية ترجع الى القرن الماضي وهي ان الفيروس لا ينتقل بين البشر وان احتمالية الاصابة هي محصورة بالحيوانات المشار اليها سابقاً والتي لا تشمل الجمال التي هي غير موجودة في تلك المناطق.
*في تصريح لأحد قادة الطب الوقائي بالوزارة نفى علاقة الجمال بهذا المرض او حتى امكانية انتقاله بين البشر متناسياً قدرة الفيروسات على التمحور كما حدث سابقاً.
* منع المراكز البحثية المحلية من التدخل في بحث المشكلة وايجاد الحلول طمعاً للسبق في نشر الأبحاث العلمية دون اكتراث للعواقب الصحية.
* بعد الثبوت القطعي للتشابه الجيني لفيروس الجمال والمصيب للبشر مما يجعلها مصدراً لهذه الاصابة باحتمالية كبيرة (حتى لو لم تكن قطعية) لم تعمد الوزارة لإصدار أية تحذيرات للابتعاد عن الجمال خصوصاً للهواة حيث نرى الكثير في الطرق السريعة يترجلون لاطعام الابل وملامستها فضلاً عن الرعاة والملاك ممن لهم احتكاك مباشر بها.
* ادارة الجودة النوعية بالوزارة هي دون مستوى الضعيف حيث ان نسبة عالية من الإصابات حدثت داخل المستشفيات علاوة على ذلك ان حوالي 10% من المصابين هم من الطواقم الطبية مما يعكس التراخي في تطبيق تعليمات مكافحة العدوى للعاملين، فمعروف ان المرافق الصحية تتعامل مع أخطر الأمراض واشدها فتكاً بشرط الالتزام بقواعد وأسس مكافحة العدوى.
التعامل الإعلامي من الوزارة اعتمد مبدأ النفي وإثارة الطمأنينة وهو ما لا يتماشى مع عصرنا الحاضر حيث اتاح للبعض بث الاشاعات وإثارة الذعر لدى العامة وكان الأجدى عقد مؤتمرات صحفية متواصلة لاطلاع الجميع بالحقائق كما هي وتبديد المخاوف والشكوك.
لوحظ زيادة في عدد الاصابات خلال الشهرين الماضيين ولها عدة تفسيرات اهمها ان فيروسات الجهاز التنفسي (الأنفلونزا، الراينو، الأدينو، الكورونا.. وغيرها) موسمية تنتقل في الشتاء او الربيع او الصيف ونشاط الكورونا دارج في هذه الفترة، كما ان نسبة كبيرة من المصابين مؤخراً هم من الممارسين الصحيين لسوء اتباع أسس مكافحة العدوى.
هل من حل لهذه المعضلة التي أودت بحياة الكثيرين؟ لإيجاد الحل لابد من تلخيص المشكلة فمن الثابت حالياً ان الفيروس ينتقل بين البشر وهذه ليست سابقة علمية ولا تشكل معضلة حيث تم التعامل بنجاح في حالات سابقة اشد خطورة واكثر فتكاً مثل السارس، حدث انتشار واسع للاصابات داخل المشافي بين الكادر الطبي والمرضى وتلك حلولها موجودة واثبتت النجاح بشكل قاطع.
هناك اشتباه قوي جداً ان الحيوانات خصوصاً الجمال هي من مصادر الإصابة.
الحلول:
انتقال العدوى بين البشر: هذا النوع من الفيروسات ينتقل عن طريق الرذاذ وليس الهواء وهذا موثق من منظمة الصحة العالمية بمعنى انه يحتاج الى مسافة قليلة جداً (اقل من مترين) بين المصاب والمتلقي لحدوث العدوى وسبل الوقاية مؤكدة النتائج وهي استخدام الكممات لجميع من لديهم اعراض الرشح والزائرين او المعالجين. الحرص على التعقيم والمطهرات بعد ملامسة الاسطح والبعد عن الاماكن المزدحمة ما أمكن.
انتشار العدوى داخل المشافي غير مقبول في العرف الطبي حيث توجد لوائح وأنظمة علمية دقيقة تمنع حدوث ذلك ويلزم الالتزام بها وتطبيقها بدقة لتفادي اصابة المرضى وكذلك الكادر الطبي.
الحيوانات كمصدر للاصابة: في حالتي انفلونزا H1N1، H1N5 عمدت كثير من الدول الى اعدام ملايين من الطيور والحيوانات ونحن لا ندعو الى ذلك في حال الجمال لأن الخطر ينحصر بالاحتكاك بها كما ان طبخ اللحوم وغلي الحليب كفيل بمنع العدوى. يجب توعية الجمهور والتأكيد على عدم الاقتراب من الحيوانات، اما المربون فيوضح لهم الاشتراطات الوقائية التي تمنع انتقال العدوى.
يجب على الجميع اخذ لقاح الانفلونزا الموسمية التي تقي من H1N1 حيث ثبت علميا وجود تداخل بين الاصابة بين الفيروسين وحال اجتماع الأصابة بهما تكون النتائج اسوأ بكثير.
يتضح مما سبق ان هذا الوباء محدود الانتشار حيث تم تسجيل نحو 300 حالة فقط خلال عامين “حدث اكثر من 8 آلاف اصابة بالسارس خلال اشهر قليلة ” وطرق العدوى تحتاج الاحتكاك المباشر او الاقتراب من مصدر العدوى وبمسافة قريبة جداً وهذه يمكن تفاديها بالطرق المشار إليها سابقاً اضافة الى الالتزام بسبل النظافة والتأكيد على مكافحة العدوى من الانتشار داخل المشافي بشكل دقيق.
من أراد الحقيقة وبدعم علمي موثق فإن هذا المرض لا يشكل خطورة مجتمعة ويمكن محاصرته خلال أشهر حال اتباع الطرق العلمية التي اثبتت فاعليتها على جوائح اشد خطورة مثل السارس.
يجب ترك الابحاث للمختصين فعلى المستوى العالمي ان من يكتشف الامراض المستجدة ويبتكر العلاجات هي مراكز الابحاث وليست وزارات الصحة. الصحة تأخرت عندما اطلقت صرخة استغاثة. بدعم الحكومة الرشيدة لدينا الخبرات العلمية المؤهلة من خريجي المراكز العالمية وتتوفر لديهم احدث الاجهزة ولديهم امكانية الاكتشاف والابتكار متى ما اتيحت لهم الفرصة.
رحم الله موتانا وحفظ وطننا ورعى قيادتنا التي حرصت على توفير جميع الأمكانات لمواطنيها.
* أستاذ الطب الباطني والأمراض المعدية – جامعة الفيصل
رئيس شعبة الأمراض المعدية
مستشفى الملك فيصل التخصصي – الرياض
بالمناسبه وزارة الصحة وليس وزارت الصحه