ربما يمكن اعتبار البريطانية صوفيا سكوت البالغة من العمر 5 سنوات، أصغر شخص في العالم يعاني من الزهايمر، حيث شخصت بمتلازمة تعرف بـاسم “سانفيليبو”.
هذه المتلازمة تنسب إلى الطبيب الذي اكتشفها عام 1963 ويعرف باسم سلفستر سانفيليبو، وهي عبارة عن مرض وراثي ناتج عن عيب في التمثيل الغذائي، ويظهر إعاقة عقلية من السنة الأولى إلى الرابعة ثم يتطور الأمر تدريجيا إلى الأسوأ ليهدد كل الجسم.
وتعيش صوفيا مع والديها في اسكتلندا، وإن لم تكن هي أصغر من يعاني هذه الحالة في العالم فهي الأصغر في اسكتلندا بحسب صحيفة “مترو” البريطانية.
فالطفلة ليس لها ذاكرة وسريعة النسيان، وهو ما يعرف بـ”زهايمر الأطفال”.
اكتشاف الحالة
منذ عامين تم تشخيص إصابة صوفيا بمتلازمة سانفيليبو التي تعتبر نادرة ووراثية ينتج عنها تدهورا في الذاكرة والدماغ والمخيلة بشكل عام.
ويعتقد بأن تكون صوفيا هي الحالة الوحيدة في اسكتلندا، لكن هناك حوالي 40 من الأطفال في المملكة المتحدة يعانون من هذه المتلازمة تقريباً.
والآن فإن والديها دارين وأماندا من غلاسكو في سباق مع الزمن لإيجاد علاج لها.
توثيق الذكريات
يحاول والدا الطفلة ما أمكن أن يخلدا لها أكبر كمية من الذكريات الموثقة، إذ لا يكمن من حل آخر الآن لجعل صوفيا تتذكر الماضي وطفولتها فيما بعد، سوى بالعودة إلى الصور والفيديوهات.
وقد بذل والدا صوفيا جهداً غير عادي في تعليمها الأشياء العادية مثل كيفية كتابة اسمها والتعامل مع فرشاة أسنانها، كذلك كيفية التزلج وذلك منذ أن كانت في شهرها الـ23.
والمؤسف أن المعاناة مستمرة طالما أن كل مهارة تتعلمها سرعان ما تنساها في المستقبل، لأن المرض اللعين يغلق العقل تماما عن التذكر.
ويصيب هذا المرض واحدا من كل 100 ألف شخص، وأعراضه تتطور تدريجياً، إذ تبدأ بسيطة ثم تتفاقم مع مرور السنوات شيئاً فشيئاً، حتى تصبح لا يمكن مقاومتها، إذ يدمر الدماغ أجزاء الجسم الأخرى.
التدرب على القادم
تقول والدة الطفلة (أماندا): “في البداية كانت هناك تشخصيات عديدة ثم اكتشفنا الأمر في النهاية والخبر السيئ أنها ربما لن تعيش إلى سنوات المراهقة بهذا الشكل”.
والمحزن بالنسبة للأم أن هذه الذكريات الموثقة قد تبقى لهما فقط، دون البنت، في المستقبل.
تقول عنها: “إنها ذات ابتسامة رائعة ومعدية وتحب اللعب بالدراجة والرقص والدمى والتسوق وتشتري أغراض أعياد الميلاد. واللون المفضل لها هو الأرجواني”.
وتضيف: “نحن ندرب أنفسنا على كيفية التصرف مع الأيام المقبلة”.
وتحكي بحزن: “لقد أخبرونا بأن حياتها ستكون قصيرة. هذا مؤلم. وأنه لا يوجد علاج واضح لها. ربما ليس إلا أن تعيش الطفلة اللحظة ونستمر في التقاط الصور التذكارية لها. وهو ما يحطم عالمنا”.
النبأ المفجع
عندما كانت صوفيا في عامها الثاني كان موظفو الحضانة يقولون إن قدرتها على الكلام ضعيفة أو لا تتطور، وظنوا أنه نوع من التأخر الطبيعي في الكلام وتمت إحالتها إلى التشخيص.
وبعد عدة اختبارات تم الشك في الأذن الوسطى وأن بها مادة غروية تؤثر على السمع، ما يعني تأخر التلقي والكلام، وهو أمر طبيعي أن تملأ الأذن بمادة سائلة ويحدث للأطفال، ولكن مزيد من التشخيصات جاءت بالأنباء المفجعة.
وحاول الوالدان هضم النبأ، لاسيما أن الطفلة كانت تبدو نشطة ومرحة وليس ثمة ما يشير إلى الخطر في المستقبل.
تقول الأم: “كنت خائفة أنني سوف أفقدها، والإشكال أن هذه المتلازمة سانفيليبو تظل متخفية في السنوات الأولى ولا تظهر إلا مع التشخيص، ولم يكن بالتالي من مشاكل كبيرة أو أعراض واضحة”.
وتضيف: “لقد كان الانتقال في التفكير من أنها بخير إلى أنها تعاني من مرض عضال، أمرا صعبا جدا، وظللنا لعامين لا نتحدث عن ذلك”.
وتمضي للقول: “أما الآن فقد رضينا بالواقع وصار لزاما علينا أن نعيش اللحظة وأن نسعدها فيها، وهذا كل ما نقدر عليه إذا لم نكن نضمن كم ستعيش بالضبط”.
جمعية خيرية
لا تضيع العائلة أي فرصة من الوقت لجعل الطفلة سعيدة، والعمل على إنشاء بنك للذاكرة لطفولة صوفيا، وحيث حوائط البيت والأرضيات معبأة بلقطات البنت في العطلات في داخل وخارج البيت.
كذا شرع الوالدان في إنشاء جمعية خيرية، وهناك مئات الوعود بتمويل أبحاث حول مرض صوفيا وأي حلول يمكن الحصول عليها في المستقبل، سواء لها أو لأطفال آخرين يعانون المشكلة نفسها.
وإلى الآن فقد بلغ حجم الصندوق 40 ألف جنيه استرليني.