بعض البشر المبصرون يمكن لك أن تسألهم أن يصفوا أناساً حولهم، كيف تكون وجوههم، فيعجزون. دعك أن يكونوا قادرين على رسم هذه الوجوه بالكلمات والعبارات فقط، لشخص آخر، بحيث يقوم بنقلها فنياً في رسم أو منحوتة وتصبح قريبة من الواقع.
صدق ولا يمكن أن تصدق. لكنها الحقيقة أن بإمكان عميان أن يصفوا أحباءهم لنحاتة بدقة تمكنها من فهم تركيبة وجوههم ونقلها بحرفية تامة في نحت يطابق الحقيقة لحد كبير، كما يظهر الفيديو المرفق.
وقد أجريت التجربة مع ثلاثة من العميان الأميركيين ونجحت الفنانة واسمها بام في نقل الأوصاف إلى مجسمات، بالسماع إلى وصف الوجه والملامح وشكل الشعر من هؤلاء الأشخاص وهم يتكلمون بمشاعرهم فقط.
اكتشاف العالم بالمشاعر
وعبّر جيف وهو أحد الثلاثة الذين فقدوا بصرهم يصف زوجته ليبي البالغة من العمر 30 عاما، قائلا: “لقد اعتدت أن أعيش في عالم بديل مغمور بالانطباعات التي تصنعها مشاعري حول الأشياء”.
وتحدث عن صعوبات العمى مستطردا: “ما أقصده أن هناك الكثير من الأمور التي تدور في العالم ويشاهدها مجموعة من الناس، وعليك أن تكتشفها بمشاعرك وتتفاعل معهم.. كأن يقولوا انظروا هذه الشهب الجميلة في السماء.. سيكون عليك أن تبتسم وتتعايش مع حالة المتعة التي يحسونها”.
وأبدى تخوفه من أن يخيب الوجه المنحوت لزوجته ليبي، آماله وألا يعجبها، ليكون وصفه غير موفق.
لكنه قال: “آمل أن يتحول عجزي إلى قوة إيجابية فبدلا من أن تفر من المنحوتة تحبها وتبقى بجواري”.
موضحا: “لا أريدها أن تفر مني وتقول لي أهكذا تراني!”.
لكن عندما رأت ليبي الشكل النهائي لمنحوتة وجهها فقد شعرت بالحبور، وعلقت مازحة: “يبدو أن أنفي أكبر من المعتاد، ولكن حقائبي لا تزال معك”.
ووصفت العمل بالعظيم قائلة: “إنه رائع.. وجميل.. أن ترى كيف يفكر فيك شخص آخر بمشاعره”.
ذاكرة بصرية مستعادة
أما مارتي التي تعاني العمى التام بخلاف زوج ليبي، جيف الذي يرى بصعوبة شديدة بعض الغبش أمامه، فقد وصفت ابنها للنحاتة بام التي نقلته إلى منحوتة بارعة أخرى.
وكانت تصفه وهي تتذكره صغيرا يركض أمامها في المنزل.
وقالت: “لقد فقدت بصري فجأة ولم أعد أراه وهو يهرول بدراجته الهوائية في الطرقات في تلك البدايات”.
الألم في وجوه الناس!
أما امرأة أخرى تدعى كاميلي، فقد وصفت إحدى زميلاتها، وقد سئلت “هل من شيء ما تحمد الله أنها لا تتمكن من رؤيته”.
فأجابت: “إنه مظهر الألم في وجوه الناس”.
وبمجرد أن تنهي بام عمل المنحوتة تطلب من الأعمى أن يتحسسها ليتأكد من الأوصاف التي قدمها لها هل تم تنفيذها أم لا.