برغم مسحة الحزن التي غطت محياها والشرود الآني، الذي ينتابها بين حين وآخر، إلا أن ناديا مراد الإيزيدية الناجية من “داعش” بمعجزة بعد أن هربت في ليلة مظلمة من يد سجانها، تمكنت من أن تضع حداً لعذاباتها وتتخلص من أسرها وسجنها الذي استمر أشهرا، بمساعدة عائلة عراقية مسلمة رعتها وأخرجتها من سجنها وهربتها من #الموصل ، غير مبالية بإمكانية افتضاح أمرها من قبل داعش.
بدت ناديا مراد عند لقاء “العربية” بها ضمن برنامج “نقطة نظام” قوية الإرادة، تحاول التماسك رغم هول ما رأت في الأسر. ولا تزال تلك المرأة الجبارة تؤكد أن ضوءاً ما في نهاية النفق سيعيدها إلى سنجار، وسيرجعها تلك الفلاحة البسيطة التي ترعى الغنم في سفوح جبال سنجار موطن قومها الإيزيديين الذي جردهم داعش من جنة عيشهم وقتل المئات منهم وسبى أكثر من 5 آلاف امرأة وطفل وباعهم في سوق النخاسة بلا رحمة وبلا أي شعور بالمسؤولية الإنسانية.
بالقرب منها تنتابك لحظات من الأسى، وأنت تراها تستذكر توسلاتها لأولئك الرجال القساة التي لم تحلم يوما بأنها ستعرفهم أو تلتقيهم، أولئك الإرهابيين الذين انتهكوا حرمة طفولتها وعملوا على انتهاك كل ما تملك من حلم فتاة طموحة كانت تسعى لإكمال مدرستها الثانوية والعيش بهناء.
أصرخ نيابة عن آلاف السبايا
أما اليوم فتفخر ناديا بأنها تصرخ كما تقول “نيابة عن 6 آلاف امرأة وطفل أضحوا سبايا عند “داعش” لم يوصلوا صوتهم إلى العالم”.
وتقول: الذي يؤلمني أن هناك أمهات إيزيديات ناجيات يخجلن من رواية حكاياتهن مع “الدواعش” الذين تاجروا بهنّ. وتحزن حين تستذكر أصواتهن وهنّ يتوسلن لآسريهم قائلات إنهن “أمهات “يخجلن أن ينتهكن أمام أطفالهن .
وتضيف: “كل ما أطلبه من العالم أن يحول دون مواصلة #داعش الاتجار بالبنات والأطفال “.. بتلك العبارة البسيطة تناشد ناديا العالم ليضع حدا لمآس عايشتها عن قرب. وتواصل: “قابلت عدداً من المسؤولين في العالم لأعرض لهم الجرائم التي شهدتها حين كنت سبيّة عند عناصر “داعش” الذين لم يتخيلوا يوما أني سأهرب وأفضحهم أمام العالم.
كما تشير إلى أنها: “كانت سعيدة بمقابلة رؤساء وبرلمانيّين لفضح داعش الذي ما كان يتوقع أن أقوم بذلك وأسعى إلى إيصال رسالتي إلى الشباب المسلم كي يدينوا الفكر الداعشي”.
وتعاود استذكار ما حدث قائلة: حين هجم داعش علينا لم يساعدنا أحد وتُركنا وحدنا تحت رحمة التنظيم، وما زلنا نحن الإيزيديين نطالب بمحاسبة جميع المسؤولين الذين تولّوا حماية سنجار، ونطالب بحماية دولية وبإدارة ذاتية للإيزيديّين بعدما فقدنا الثقة بحماية الدولة “.
وتفخر ناديا بأن مواطنيها تحملوا وزر إطلاقها وتحريرها قائلة: المسلمون في الموصل هم مَن ساعدوني أثناء هروبي من داعش، ولكني لا أستطيع شكرهم علناً وبالاسم خشية على حياتهم، واحتمال كبير معاقبة داعش لهم.
وتتذكر: “قال لي أب العائلة المسلمة الذي خبأني أياماً مع بناته: اعذرينا يا ابنتي لأننا لم نضيفك جيداً، فقر الحال حال دون ذلك.”
وتخلص مؤكدة على ضرورة محاسبة الجناة الذين ساعدوا “داعش” من أيّ طرف كانوا.