جميعنا يطرف بعينيه كل بضع ثوانٍ، ولكن لماذا لا يصبح كل ما نراه غير واضح أو نغرق في الظلام في كل مرة نطرف فيها؟
طرف الأعين لا يفيد في الحفاظ على رطوبة أعيننا وحسب، بل يساعد على بقاء رؤيتنا مستقرة، وقد وجد الباحثون أنه عندما نطرف بأعيننا يعيد دماغنا وضع المُقلتين لمواصلة التركيز على ما ننظر إليه، بحسب تقرير لصحيفة The Daily Mail البريطانية.
وبحسب ما يقوله العلماء، تدور المقلتان إلى الوراء ولا تعودان دائماً إلى نفس المكان عند إعادة فتحهما، في زمن قياسي، ويبعث هذا الاختلال بإشارات إلى الدماغ، ليُنشِّط عضلات العين، لتصحيح الرؤية.
وقال الدكتور غيريت موس، الأستاذ المساعد في علم النفس في جامعة نانيانغ التكنولوجية والكاتب الرئيسي للدراسة، إن عضلات أعيننا بطيئة جداً وغير دقيقة، لذلك يحتاج الدماغ إلى أن يكيّف حركتها باستمرار، للتأكد من أن أعيننا تتجه إلى حيث من المفترض أن تكون، مضيفاً: “نتائجنا تشير إلى أن الدماغ يقيس الفرق فيما نراه قبل وبعد الطرفة، ويأمر عضلات العين بإجراء التصحيحات اللازمة”.
ويقول الباحثون إنه إذا لم يحدث هذا، ستبدو رؤيتنا مُظَلَّلة وشاردة في كل مرة نطرف فيها بأعيننا، ويضيف موس: “نلحظ التماسك في الصورة ولا نتأثر بالعمى العابر، ذلك لأن المخ يربط لنا بين النقاط”.
ومن جانبه قال الباحث المشارك باتريك كافاناغ، إن أدمغتنا تقوم بالكثير من العمل لنتحرك بشكل سليم في العالم من حولنا، وأضاف: “إنها مثل الكاميرا الثابتة للجسم”.
الدراسة، التي نشرت في مجلة Current Biology، أجراها فريق من الباحثين من كل من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، وكلية دارتموث، وجامعة باريس ديكارت.
شارك في الدراسة 12 شخصاً، إذ جلسوا في غرفة مظلمة لفترات طويلة من الوقت يحدقون في نقطة على شاشة، بينما تتابع كاميرات الأشعة تحت الحمراء حركات العين وطرفها، وفي كل مرة يطرفون بأعينهم فيها تنتقل النقطة سنتيمتراً واحداً إلى اليمين.
ورغم أن المشاركين لم ينتبهوا لهذا التحول الصغير، إلا أن نظام محرك العين في الدماغ سجّل الحركة وتعلّم إعادة خط الرؤية نحو النقطة، بعد 30 حركة للنقطة ضُبطت عيون المشاركين خلال كل طرفة، وتحولت تلقائياً إلى المكان الذي توقعوا أن تكون النقطة فيه.
فيما قال الدكتور موس: “رغم أن المشاركين لم يعوا أن النقطة قد انتقلت، إلا أن أدمغتهم قد فعلت، وتكيّفت عن طريق حركة العين التصحيحية”.
وبحسب هافيغنتون بوست عربي أضاف: “هذه النتائج تضيف إلى فهمنا كيفية تَكَيُّف الدماغ باستمرار مع التغيرات، فهو يأمر عضلاتنا بتصحيح الأخطاء في أجهزة الجسم”.