اعتبر قانونيون وإعلاميون سعوديون أن لجوء بعض المغرِّدين المعروفين للقضاء بسبب تجاوزات ضدهم على موقع التواصل الاجتماعي الشهير “تويتر” سيسهم في الحدِّ من حالة الانفلات الكبيرة التي تسود الموقع حالياً والتي وصلت فيها الإساءات إلى حد القذف والتشهير.
وشدَّد هؤلاء في حديثهم لـ”العربية.نت” على أن نظام مكافحة جرائم المعلومات مازال غير فعالٍ ويتهاون الكثير من المغرِّدين به. وتوقعوا أن لجوء القاضي عيسى الغيث للقضاء لاتهامه الدكتور عبدالله الداوود والدكتور محمد العريفي بالإساءة سيذكِّر المغرِّدين بوجود قانون وعقوبات تطال كل مسيء شرط لجوء مَنْ أُسيء له للجهات الصحيحة.
لا حصانة لأحد
وكان القاضي وعضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث قد شرح لـ”العربية.نت” سبب رفعه دعوى ضد الداوود والعريفي قائلاً: “أريد أن أعطي نموذجاً إيجابياً وأسنّ سنة حسنة، وكيف أننا لا نقابل مواجهة الإساءة بالإساءة بل الذهاب للمحاكم لأخذ الحق منها”، مشدداً على أن يكون “الانتصار قانونياً شرعياً”. وتابع قائلاً: “للأسف كثيرون تجاوزوا الحدود في كتاباتهم وشتمهم للآخرين دون وجه حق ولابد من التصدي لهذه الظاهرة”.
وفي هذا السياق اعتبر الكاتب في جريدة “الشرق الأوسط” مشاري الذايدي “تويتر” وسيلة كغيره من الوسائل وهو غير محصن من طائلة القانون. وقال لـ”العربية.نت”: “كما يتظلم البعض من وسائل الإعلام العادية كدعاة تظلموا من صحف، فـ(تويتر) لا حصانة له بل هو أولى بالمحاسبة القانونية لأن لا ضوابط له والكثير يستخدم به أسماء وهمية”.
وتابع قائلاً: “مِنْ حق مَنْ يتم الإساءة له اللجوء للقضاء للحصول على حقه”، مذكّراً بأنه حتى في بريطانيا التي تعتبر الديمقراطية الأولى في العالم هناك مَنْ حُوسبوا بسبب تغريدات لهم على تويتر”.
الأسماء الوهمية وصعوبة التقاضي
وشدّد الذايدي على أن موقع “تويتر” أصبح مليئاً بالإساءات، معتبراً أنه لابد من وضع حدود لها عبر تطبيق النظام بشكل صارم. وأضاف: “الوضع في تويتر أصبح شائكاً. عندما يعرف الطرف المُساء له اسم خصمه الحقيقي يكون الوضع سهل، ولكن مشكلة تويتر تكمن في الأسماء الوهمية التي يصعب الوصول لها، كما أن مسألة الكمّ الهائل من التغريدات يصعّب المسائل أيضاً”.
وشدد على أن “التغني بالحرية لا يسمح بالشتم والسبّ”، مضيفاً أن “هذا المتغني بالحرية لو شتمه أحد لكان أول من اشتكى”.
ومن جانبه، أكد نائب رئيس لجنة التحكيم والفصل في القصيم عضو الهيئة الإسلامية العالمية للمحامين المستشار القانوني الدكتور علي بن محمد السواجي أن رفع القضايا سيحدّ من حالة الانفلات السائدة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال لـ”العربية.نت”: “إذا حصل أي تعدٍّ فالنظام والشرع يحفظان الحقوق بغض النظر عمن هو الشخص المخطئ. فلا حصانة لأحد وللمُساء إليه الحق في الحصول على حقه ورد اعتباره”.
وشرح السواجي أن المحاكم العامة أو الابتدائية ليست هي الجهة المخولة للنظر في مثل هذه القضايا مباشرة، مضيفاً أن هذه الشكاوى يجب أن تقدم أمام هيئة التحقيق والادعاء العام أولاً لأن مثل هذه القضايا يكون فيها حق عام وحق خاص.
عقوبات رادعة
يُذكر أن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية ينصّ على عقوبة السجن لمدة لا تزيد على سنة وغرامة مالية لا تزيد على 500 ألف ريال لكل شخص يرتكب جريمة التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة (بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي).
ويعطي النظام مسؤولية التحقق من هذه الجرائم لهيئة التحقيق والادعاء العام على أن تساعد هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات على ضبط هذه الجرائم، إلا أن قلة الشكاوى المرفوعة أضعف النظام.
ويأمل كثير من المشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي أن يحدّ الخوف من التقاضي من انتشار الشتائم والسباب الذي يحفل به “تويتر” وبقية مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تذكِّر هذه الدعاوى مستخدمي تلك المواقع بوجود قانون يمكن أن يحاسبهم.