حالة من الجدل الواسع أثارها مشروع القانون المقدّم من الدكتورة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب، بفرض عقوبة السجن على الزوج الذي يتزوج من دون علم زوجته وموافقتها، حيث انقسمت الآراء حوله ما بين مؤيد له باعتباره وسيلة قانونية رادعة لإنصاف الزوجة وحمايتها من نزوات زوجها، في حين عارضه آخرون بحجة أنه غير قانوني. فما هي مبررات المؤيدين والمعارضين؟ وما هي المراحل التي مر بها قانون الأحوال الشخصية المصري ليكون أكثر إنصافاً للمرأة وحماية للأسرة من الضياع في حالة تهور الزوج؟
في البداية، أكدت الدكتورة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب أنها تقدّمت بمشروع قانون متكامل للأحوال الشخصية، وهو يتضمن بنداً ينص على “حبس الزوج ستة أشهر في حال عدم إبلاغ زوجته مسبقاً بالزيجة الثانية”، بهدف القضاء على الغدر الزوجي من جانب، والعشوائية التي تنجم عنها مشكلات من جانب آخر، سواء في حياة الزوج إذا تم اكتشاف الزواج الثاني، أو خلافات على الميراث إذا تم اكتشاف ذلك بعد وفاته.
وأوضحت الدكتورة عبلة أنها تقدّمت بمشروع القانون الجديد وهو يشمل خمسة أبواب، ويتضمن 224 مادة تتناول قضايا متنوعة وجديدة، منها توثيق الخطوبة، والمشكلات التي تتخلل الزواج وحتى الوصول إلى الطلاق أو الوفاة، لكنها لم تتطرق فيه الى موقف الشريعة الإسلامية من مسألة تعدد الزوجات، لأن المادة التي تنص على إبلاغ الزوجة في مشروع القانون ليست قراراً جديداً، فالقانون القديم يتضمن المادة نفسها، لكن الجديد هو عقوبة الرجل إذا تزوج على زوجته من دون علمها، لأن من حق الزوجة أن تعرف ما إذا أراد زوجها الارتباط بأخرى، ولا بد من تدخل قانوني يضبط العشوائية في مسألة تعدد الزوجات؛ ويضع حلولاً جذرية للمشكلات المتعلقة بالجمع بين زوجتين أو أكثر من دون علم السابقات باللاحقات.
وأشارت الدكتورة عبلة إلى أن من حسن الحظ أن فكرة تعدّد الزوجات لا تزال مرفوضة في المجتمع المصري، ولا يُسمح بها إلا في سياقات ضيقة في الحالات الاضطرارية، مثل العنوسة والعقم وبين الأرامل والمطلّقات، وهذه من أهم مبررات الزواج الثاني الذي لا نستطيع تجريمه إذا وجدت ضرورة له، لكننا نطالب بأن يحدث ذلك في النور وعند مأذون ليتم تجريم العرفي وعقاب المأذون في حال لم يخبر الزوجة ويحصل على موافقتها الكتابية قبل عقد الزواج الجديد، ذلك أننا نهدف الى إحداث توازن في الحقوق وحماية الأسرة والحد من حالات الطلاق الناجمة عن الزواج من دون إعلام الزوجة الأولى.
وأنهت الدكتورة عبلة كلامها مؤكدةً ضرورة أن يكون هناك دور لمشروع القانون باتخاذ الإجراءات التي تحول دون ارتباط الزوج بامرأة أخرى من دون علم الأولى، مما يمنحها شعوراً بالأمان، وبالتالي يحافظ على الاستقرار الأسري، وهذه خطوة عملية جيدة في طريق الحد من التعدد، إلا للضرورة القصوى ووفقاً لأحكام الشرع، والتي يقدّرها القاضي، وكما يقال “الضرورة تقدر بقدرها”.
استطلاع آراء النساء والرجال من مختلف المهن حول مشروع القانون، فتنوعت آراؤهم ما بين التأييد والرفض والتحفظ.
سعادة الأسرة
أشارت الدكتورة إيمان عبدالرازق، مؤسّسة مبادرة “رواد السعادة”، إلى أنه لا بد من استخدام كل الوسائل لتحقيق سعادة الأسرة واستقرارها، ولهذا فمن حق الزوجة الأولى معرفة ما إذا أراد زوجها الزواج عليها أو الارتباط بأخرى، وهو حق مكتسب يجب أن يراعيه القانون، وعليها أن تتخذ القرار إذا علمت، فتختار الاستمرار أو الانفصال وتتحمّل مسؤولية قرارها، فأن يُترك الحبل على الغارب لنزوات الأزواج، خاصة في مرحلة المراهقة المتأخّرة، فهو كارثة تصيب استقرار الأسرة في مقتل وسيدفع المجتمع كله ثمنها.
وأضافت الدكتورة إيمان: “لا شك في أن هذا الإجراء القانوني سيردع نزوات الأزواج، ويجعلهم يفكرون ألف مرة قبل الإقدام على هذه الخطوة، التي غالباً ما تكون غير محسوبة وتستهدف وضع الزوجة الأولى أمام الأمر الواقع، ولهذا فإن هدف مشروع القانون الجديد هو الحفاظ على تماسك الأسر والحد من حالات الطلاق”.