مع بدء حسم نتائج الانتخابات الأميركية عادت الأضواء من جديد لتسلط على هوما عابدين، الوجه النسائي الليبرالي الأبرز في حملة هيلاري كلينتون، المسلمة من أصول هندية، زوجة السيناتور اليهودي السابق بالكونغرس أنثوني وينر.
ولا يمكن الحديث عن هوما من دون الإشارة إلى والدتها دكتورة “صالحة محمود عابدين” باكستانية وهي نائبة عميدة كلية دار الحكمة (بجدة) “سهير قرشي”، وتعمل كذلك حالياً محاضرة في قسم علم الاجتماع في الكلية ذاتها.
واشتركت “صالحة عابدين” مع زوجها “سيد زينول عابدين” من أصول هندية في الاهتمام بقضايا الشأن الإسلامي، وحصل الاثنان على الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية.
وتولت صالحة عقب وفاة زوجها في 1993 رئاسة مركز شؤون الأقليات المسلمة في بريطانيا الذي أسسه، وتقوم حالياً برئاسة تحرير المجلة الإسلامية لشؤون الأقليات والتابعة للمركز.
“العربية.نت” حاولت البحث عن والدة هوما عابدين، نظراً لكون الأم صالحة وخلافاً لابنتها متجنبة الظهور الإعلامي، مع حرصها كذلك على الغياب عن التقاط الصور مع طالبات كلية دار الحكمة أو خلال مناسبات الكلية، ماعدا حالة أو اثنتين استثنائيتين.
فكانت مؤلفات وكتب صالحة عابدين أو ما أشرفت عليه من رسائل ماجستير للطالبات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية”، في جامعة الملك عبد العزيز، أحد الوسائل لمعرفة كيف تفكر “أم” أمينة السر للمرشحة الرئاسية في الانتخابات الأميركية “هيلاري كلينتون”!
مؤلفات صالحة عابدين
تميزت مجموع الكتب للأم صالحة عابدين، ببحث قضايا اجتماعية بنفس إسلامي وبعد شرعي، سواء أكان ذلك فيما قامت بتأليفه وتحريره، أم كان من قبل طالباتها وممن أشرفت على رسائلهن العلمية.
العام 1977 نشرت لها جامعة بنسلفانيا، في فيلادلفيا الأميركية بحثها والذي حمل عنوان “islam and muslim fertility:sociological dimentions of a demographic dilemma”، نظراً لأهمية العامل السكاني الديموغرافي في تفسير الظواهر والمشكلات الاجتماعية.
وكان هدف هذا البحث النظر في محددات وأسباب كثرة الإنجاب والخصوبة لدى المسلمين، وذلك بالنظر إلى التفسير المباشر للأمر من وجهة النظر الشرعية التي عادة ما يقدمها الفقهاء، وكذلك السعي إلى تقديم تفسيرات أخرى لكثرة الإنجاب لدى المسلمين، من دون اقتصاره على البعد الشرعي، واستعانتها بالقيام بمقارنة ما بين معدلات الإنجاب لدى المسلمين وغير المسلمين.
أخذ موضوع الإنجاب والخصوبة حيزا كبيرا ضمن مؤلفات واهتمامات صالحة عابدين، وهذه المرة قامت عابدين بتخصيص دراستها على بحث نسب الإنجاب وتنظيم الحمل لدى النساء السعوديات، فصدر لها في العام 1995 دراسة بعنوان:”knowledge and attitudes and practices relation to reproduction and fertility regulation among Saudi women”.
خلصت في دراستها إلى أن المعرفة بوسائل منع الحمل ترتفع نسبتها لدى الفئات أقل من 35 سنة، مما أرجعته إلى التطورات التي حصلت في المملكة وانتشار المستشفيات والعيادات، وانفتاح وسائل الإعلام.
الأسرة المسلمة
يشار إلى أن موضوع النسل والإنجاب يعد أحد أهم المواضيع المتعلقة بالمرأة، التي شغلت حيزا كبيرا لدى تيارات الإسلام الحركي حتى اليوم، والحديث عن شكل الأسرة المسلمة.
عاد موضوع الإنجاب والخصوبة لدى د. صالحة عابدين من جديد، وهذه المرة تحديدا بمدنية “جدة” غرب السعودية، بإشرافها على إحدى الرسائل العلمية لدرجة الماجستير، في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، في العام 1996، كانت بعنوان: “المباعدة الزمنية بين الولادات وأثرها على صحة الأم والناتج عن الحمل وتأثرها بالعوامل الاجتماعية والديموغرافية- دراسة تطبيقية على مدينة جدة”،”birth spacing and its relation to maternal health and pregnancy outcome the effect of some social and demographic factors”.
من بين أبرز الكتب التي ساهمت صالحة عابدين في تحريره وإعداده، مشتركة مع كاتبته “فاطمة نصيف” (شقيقة عبد الله نصيف الأمين العام لرابطة العالم الاسلامي سابقا)، صدرت طبعته الأولى باللغة الإنجليزية في 1999، بمصر من قبل اللجنة “الإسلامية العالمية للمرأة والطفل”، التابعة لاتحاد علماء المسلمين، والذي يترأسه دكتور يوسف القرضاوي، يعرف أكثر بشخصيتها، كان بعنوان “المرأة في الإسلام حقوقها وواجباتها”women in islam- a discourse in rights and obligation.
تناول الكتاب عددا من القضايا الشرعية والإسلامية المتعلقة بحقوق وواجبات المرأة والطفل في الإسلام، من بينها مسألة زواج القاصرات، وتطبيق حد الزنا على المرأة (الرجم والجلد)، وكذلك الحجاب وشروطه، وقضية الاختلاط، وعمل المرأة.
لدى بحث حق المرأة في اختيار زوجها، رفضت عابدين وصديقتها نصيف الاستناد إلى قصة زواج الرسول عليه الصلاة والسلام بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كحكم بجواز تزويج القاصرات، باعتبار أن هذه قصة جاءت استثناء للرسول ولأم المؤمنين عائشة ابنة الخليفة أبي بكر الصديق، ولا يجب الاحتجاج بها في الوقت الراهن.
وحول واجبات المرأة جاء منها عدم جواز امتناع المرأة من زوجها في حال طلبها للفراش، موجباً ذلك سخط الله، ما لم يكن ذلك بعذر شرعي، مستندة في ذلك إلى الرواية: “إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح”.
يشار إلى أن هيلاري تضع قضية المرأة في برنامجها وأجندتها الرئيسية بحسب المفهوم الليبرالي الغربي.
الحجاب
وفيما يتعلق بمسألة الحجاب، استندت الكاتبتان إلى مقولة لـ”سيد قطب” من كتابه في “ظلال القرآن”، حول الحكمة من حجاب المرأة وعدم إظهار المفاتن على غير المحارم، من بينها “عدم استثارة الرغبات الجنسية لدى كل من الرجل والمرأة”، كذلك التأكيد على عدم جواز خروج المرأة متعطرة.
كان كذلك للدكتورة صالحة مساهمة في مناقشة دراسة علمية لدرجة الماجستير تابعة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، نشرت عام 1995 حيث كانت عابدين إحدى أعضاء هيئة التدريس بقسم علم الاجتماع، وحملت الدراسة عنوان “أثر بعض العوامل الاجتماعية في التأخر الدراسي – دراسة تطبيقية على طالبات المرحلة المتوسطة بمدينة جدة”.
كما كانت مشرفاً رئيسياً في دراسة ماجستير أخرى نشرت عام 2002 بعنوان: “دراسة العلاقة بين بعض العوامل الاجتماعية وطبيعة وبيئة العمل والرضا الوظيفي للمعلمات السعوديات في مدارس المرحلة الثانوية – دراسة ميدانية في محافظة جدة”،”A study of the relation between selected social factors،the nature of work environment and job satisfaction among Saudi female teacher in high schools”.