بعد أكثر من 80 عاما، الحلم يتحول إلى حقيقة فقد توصل علماء الفيزياء إلى طريقة لتخليق هيدروجين فلزي.
الهيدروجين الفلزي هو تركيبة غامضة من الهيدروجين قد يمكنها أن تكون قادرة على نقل الكهرباء بدون مقاومة، في درجة حرارة الغرفة بسرعات فائقة، بحسب “بيزنس انسايدر”.
لقد ساور العلماء الشك لفترة طويلة في إمكانية تواجد الهيدروجين في هيئة فلز بأي بقعة في الكون، لكن وللمرة الأولى على الإطلاق تم بنجاح تخليق هيدروجين فلزي على سطح الأرض.
من المعروف علميا أن الجدول الدوري ينقسم إلى فئتين هما الفلز واللافلز. ومن بين أهم خواص الفلزات اللمعان، وأنها موصلات جيدة، وعادة ما تكون صلبة في درجة حرارة الغرفة، بينما تتسم اللافلزات بمظهر خامد فضلا عن أنها من الموصلات الضعيفة.
وكما تعلم معظمنا في المدارس الثانوية، فإننا نعرف أن الهيدروجين يعتبر من اللافلزات، ولكنه بالرجوع إلى العام 1935، نجد أن الباحثين قد تنبأوا أنه في ظل ظروف معينة، يمكن لهذا العنصر أن يجمع ذراته مع بعضها تجميعا محكما، بحيث لا تكتسب مادته خواص فلزية فحسب، بل يمكن أن يصبح فلزا بالفعل.
لكن لم يكن من السهل تحقيق هذه الظروف للتحول، لأنها كانت تتطلب تحقيق ضغوط عالية بمستوى لا يصدق في ظل درجات حرارة منخفضة للغاية، وهذا هو السبب أنه لأكثر من 80 عاما، وعلى الرغم من المحاولات العديدة، لم يستطع أحد، حتى الآن، إثبات إمكانية تحقيق ذلك.
يقول الباحث الرئيسي إسحاق ف. سيلفيرا، من جامعة هارفارد “هذا من أكثر الموضوعات إثارة للجدل في مجال فيزياء الضغط العالي. إنها أول عينة على الإطلاق للهيدروجين الفلزي على سطح كوكب الأرض، لذا فإنك عندما تنظر إليها إنما تتأمل شيئا ما لم يكن موجودا له مثيل من قبل”.
وأضاف سيلفيرا في تصريح لدورية “ساينس أليرت”، أن الجزء الأكثر إثارة هو أننا قمنا بتعريض غاز الهيدروجين لضغوط عالية بما فيه الكفاية، ورأيناه يتحول إلى فلز”.
لقد أمضى سيلفيرا مدة 45 عاما كاملة في محاولة تخليق الهيدروجين الفلزي.” لقد تحول الهيدروجين من كونه شفافا إلى مرحلة عدم الشفافية، ومنها إلى لون السواد، وفجأة أصبح لامعا،” وفقا لشرح سيلفيرا، الذي أكد ذلك قائلا: “لقد تمكننا بالفعل من أن نرى تحوله إلى فلز”.
يعتقد الفيزيائيون أن الهيدروجين الفلزي له بعض الخصائص التي لا تصدق، حيث يمكن أن يكون موصل فائق للكهرباء في درجة حرارة الغرفة، وهو ماقد يعني أن تلك المادة يمكنها توصيل الكهرباء بدرجة مقاومة صفر، ودون أن يكون علينا أولا أن نقوم بتبريدها لدرجات حرارة غير مألوفة.
ويوجد بالفعل العديد من المواد فائقة التوصيل التي تستخدم لتخليق مجالات مغناطيسة لإنشاء حقول مغناطيسية قوية في أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي وفي القطارات فائقة السرعة، إلا أن تلك المواد تكون الوحيدة القادرة على تحقيق التوصيل الفائق في درجة حرارة أقل من -269 درجة مئوية (-452.2 فهرنهايت)، مما يجعلها باهظة الثمن، وغير عملية بالنسبة لأغراض كثيرة.
ولذا فإنه إذا تمكن العلماء من تحقيق نفس تلك القدرة الفائقة على التوصيل في درجة حرارة الغرفة، فإن ذلك سيحدث تطورا غير مسبوق، على سبيل المثال، في مجال إنشاء خطوط شبكات الكهرباء التي لا تفقد أي قدر من الكهرباء بين محطة توليد الكهرباء ومنازلنا، مقارنة بالوضع الحالي الذي تفقد فيه الشبكات الحالية نحو 15% من طاقتها بسبب المقاومة. ويمكن أن تنخفض تكاليف تشغيل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي بشكل ملحوظ.
كما يمكن للهيدروجين الفلزي أن يكون أقوى وقود للصواريخ، مع قدرات تخزين هائلة للطاقة بين جوانح تلك الصواريخ، بما يمكن أن ينتقل بنا إلى عوالم بعيدة ببساطة.