عائلة مروان بطمان من أولى العائلات السورية اللاجئة التي استقرت في ولاية إنديانا قبل سنتين. التقينا مروان وزوجته وأطفالهما الأربعة في شقتهم في إحدى ضواحي المدينة. ابنتاهما الأصغر رغد، ذات الثمانية أعوام ورماس، وهي في الخامسة كاملتا الاندماج في المجتمع الأميركي تتحدثان الإنجليزية بطلاقة باللهجة الأميركية وأطلعتاني على أبرز العطل الأميركية التي تفضلانها: من عطلة عيد الشكر إلى عطلة التنكر الهالوين.
أباهما حدثني عن أولى انطباعاته عن الولاية “كان عندي خوف رعب، كنت لا أفهم على أحد، ولا أحد يفهمني، رغبت العودة، ولو مشياً إلى بلادي”. لكن بعد بضعة أشهر تغيرت انطباعات مروان.
عائلة بطمان هربت من الحرب في حمص عام 2011 وانتقلت إلى لبنان أولاً ثم حصلت على لجوء في الولايات المتحدة. عملية انتقالهم إلى هنا استغرقت أكثر من عام. مروان كان يمتلك مطعماً في حمص وهو الآن يعمل في مطعم هنا.
“صبرت حوالي ستة أشهر وأنا أنتظر حتى جاءت الفرصة لأعمل في مجالي – الأكل والطبخ – أثبتت نفسي ولكن في البداية تغلبت كثيراً: لم أستطع التواصل مع الناس”.
لكن عائلة البطمان كانت مصرة على النجاح وأفضل مثال على ذلك كان امتحان قيادة السيارة: فهو تقدم للامتحان خمس مرات، وزوجته لونا أربع مرات، قبل أن ينجحا. يقول مروان إنه لا ينصح أحد بالمجيء إلى هنا إن لم يكن مخططاً على العمل والمثابرة.
أطفال بطمان يقولون إنهم تمكنوا من التأقلم جيداً مع حياتهم الأميركية الجديدة رغم التحديات.
ركان بطمان، وهو في الصف الثامن، يقول إنه اضطر إلى أخذ دروس للغة الإنجليزية بداية قبل أن يندرج في المدرسة “أكثر شيء يعجبني هنا هو النظام والمدارس، حيث لا يضرب الطلبة من قبل المعلمين كما في بلادنا، ولكنني مشتاق لبيت جدي ولمطعمنا وبيتنا. البيت والمحل لم يعودوا، و لكن بيت جدي قائم”.
التقيت عائلة بطمان من خلال لينا ميداني وهي سورية أميركية تعيش هنا منذ عقود ومن أكثر المتطوعات نشاطاً في مساعدة العائلات السورية التي استقرت في إنديانا خلال العامين الأخيرين. تقول إن تجربة عائلة بطمان هي من الأمثلة الإيجابية ولكنها لا تسري بالضرورة على بقية العائلات الخمسين التي استقرت هنا.
“بعض العائلات يصابون بالصدمة الثقافية ويأتون ويجلسون في البيوت ويتقوقعون ولا يختلطون مع أحد إلا الجالية السورية وهذا لا يساعدهم على الاندماج في المجتمع الأميركي أو تعلم اللغة الإنجليزية، والمشكلة الثانية أن هناك من يأتي إلى هنا ولا يريد أن يعمل. يتوقع أن تساعده الحكومة لمدة خمس سنوات كما يحدث في أوروبا و هذا ليس الواقع هنا”.
وهناك تحد آخر للعائلاتِ اللاجئة في هذا الجو الانتخابي، فحاكم ولاية إنديانا مايك بنس وهو أيضاً المرشح الجمهوري للرئاسة حاول أن يمنع توطين اللاجئين السوريين في الولاية بعد الأحداث الإرهابية في فرنسا وبلجيكا.
لكن محاولاته فشلت أمام القضاء الأميركي. سكان المدينة الذين استطلعناهم منقسمون في آرائهم. إحدى النساء قالت “أعتقد أن سياسة بنس كانت مخطئة، فعندما يبحث الناس عن ملجأ يجب أن نساعدهم”، لكنّ رجلا التقيناه يتناول العشاء مع عائلته في أحد المطاعم قال “إن تم التحقق من هويات اللاجئين، فحينها طبعاً أرحب بهم، ولكن إن لم يكن هذا الحال فمن يريد تعريض عائلاتنا للخطر؟ أنا أوافق بنس”.
مروان بطمان يقول إن الجو السياسي لم يؤثر على تجربته لغاية الآن وأشار إلى شرطي ساعده بعد حادث سير. مروان قال له إنه لا يتحدث اللغة الإنجليزية وإنه لاجئ سوري، الشرطي تطوع أن يقوده إلى البيت وأراد أن يتأكد أنه على ما يرام. ابنته الصغيرة رماس تتعلم في مدرسة المونتيسوري المعروفة الخاصة بالمجان بعد أن سمعت إحدى المدرسات بقصة العائلة على الإعلام المحلي.
المؤسسات التي تساعد اللاجئين تذكر الأميركيين: هناك 700 ألف لاجئ من حول العالم توطنوا في الولايات المتحدة منذ الـ11 من سبتمبر، لغاية الآن، لم يقم أي منهم بأي عمل إرهابي.