طروده في 2008 من نقابة الأطباء اللبنانية، فعبر القارات وتابع “المهنة” في أميركا، وهناك أدانوه يوم الجمعة بالسجن 45 سنة، لاحتياله على مرضى أميركيين بالمئات، سلبهم بأسلوب السهل الممتنع راحة البال وبث فيهم الرعب واليأس، وكبّدهم 35 مليون دولار، بعد أن أوهم كلا منهم بأنه مصاب بالمرض الأخطر، وقادر وحده على شفائه، فانصاعوا للأمل وخضعوا بطلب منه لعلاجات باهظة الكلفة، من استئصال وأشعة وكيماوي، ثم اتضح أن جميعهم كانوا أصحاء، فاعتقلوه وحاكموه وأدانوه.
ومع أنه من عائلة فتى، الا أن الدكتور فريد، المتزوج والأب لثلاثة أبناء، ليس فتى على الإطلاق، فعمره 50 سنة، وقصة احتياله على مرضاه شغلت الوسط الطبي منذ اعترف قبل عامين أمام المحكمة المركزية في ولاية ميتشيغن الأميركية، بتعمّده تقديم تشخيص خاطئ لمرضاه، بحيث كان يوهم الواحد منهم بإصابته بالسرطان، وقدرته على شفائه، فقط ليكسب المال الذي من أجله افتتح عيادات عدة بضواحي مدينة ديترويت، حيث كان يقيم، وحيث شمل احتياله شركات التأمين الصحي أيضا.
والمعروف عن فتى أنه تخرج من كلية الطب في “جامعة القديس يوسف” ببيروت التي مارس فيها الطب لفترة، ثم غادرها في 2003 إلى الولايات المتحدة التي حصل على جنسيتها بعد 6 أعوام، وأثناء عمله هناك اكتشفوا في لبنان احتيالات قام بها أثناء عمله في بيروت، فسحبت نقابة الأطباء رخصته غيابيا وشطبت اسمه في 2008 منها مما نقلته وسائل إعلام لبنانية عن رئيس النقابة الدكتور أنطوان البستاني، الذي وصفه بأنه “قليل الأخلاق” من دون أن يشرح المزيد.
وكان يصف لمرضاه أدوية غالية الثمن أيضا
الدكتور فريد فتى، سبب أضرارا لمرضاه وصلت إلى حدّ وفاة بعضهم، فيما نالت مضاعفات العلاج الكيماوي بشكل خاص من الكثيرين منهم، طبقا لإفادات عائلاتهم، ومنهم شقيقة لضحية أكدت أنّها توفيت بعد خضوعها للعلاج الكيميائي، من دون أن تكون في حاجة إليه، لأنها لم تكن مصابة أصلا بأي مرض، فيما كشف آخر أن جهاز المناعة لديه تضرر بفعل الأدوية التي حقنه بها الفتى الذي عالج أكثر من 1200 شخص تقريبا خلال عمله في ديترويت، منهم 550 وقعوا في فخه الاحتيالي.
وخلال محاكمته، اعترف بذنبه وأقرّ بأن ما اقترفه كان خيارا شخصيا بهدف تحقيق الأرباح، فيما أعادت جلسات محاكمته الذاكرة إلى وقت بدأت تطاله الشبهات عندما تقدّمت ممرضة اسمها أنجيلا سوانتك بشكوى ضده في 2010 تفيد فيها بخضوع المرضى لعلاج بأدوية كيميائية بطريقة لا تلائم وضعهم الصحي. لكن السلطات المحلية لم تستطع إثبات التهمة عليه، إلا حين تقديم 16 دعوى في 2013 بحقه، لتشخيصه أمراضا لا يعاني منها مرضاه، ووصفه لهم أدوية باهظة الثمن وغير ضرورية لحالاتهم.
وغضبوا وطلبوا معاقبته أكثر من 45 سنة
وفي حيثيات وموجبات لفظ الحكم عليه اليوم في محكمة ديترويت، ورد أن الدكتور فتى كان يدرس حالة كل “زبون” يقف على وضعه المالي، وماذا يعمل وأين يقيم، ووفقا لاستطاعة كل منهم كان يوهمه بمرض سرطاني معين، ويخبره بضرورة العلاج بالأشعة أو الكيماوي أو الاستئصال، في عمليات معالجة أرخصها 15 ألف دولار عادة.
واعترف الدكتور فتى قبل لفظ الحكم عليه بأن ما فعله كان لربح المال، واعتذر عما فعل وأعلن ندمه، وطلب الرأفة به كأب وزوج من طلب الادعاء العام، وهو السجن 175 سنة، فيما طلب محامي الدفاع بأن تكون العقوبة 25 سنة سجنا، الا أن القاضي جعلها 45 عاما، مثيرا غضب عشرات من المرضى وذويهم كانوا حاضرين، وعندما خرجوا احتجوا أمام مقر المحكمة، طبقا لما نراهم في صورة عن موقع “ديترويت فري برس” الأميركي، قائلين إن 45 سنة لا تكفي لمعاقبته، علما أنه دفع غرامة مسبقا قيمتها 17 مليون دولار.
وكانت المحكمة أطلقت سراح الدكتور فتى بكفالة قيمتها 9 ملايين دولار، وأثار قرارها موجة غضب في ديترويت أيضا، فخرج من نالهم احتياله غاضبين في الشوارع ومحتجين، وطالبوا بمضاعفة الكفالة حين علموا بفرار زوجته مع أولادها الثلاثة إلى لبنان، إلا أن المحكمة حافظت على قيمتها، وحاكمت الدكتور طوال عامين، انتهيا بإدانته اليوم بعقوبة لن يخرج بعدها من وراء القضبان إلا وعمره 95 سنة.. إذا عاش إلى العام 2060 طبعا.