سي ان ان — خيال الإنسان لشيء مدهش بحق. فخذ على سبيل المثال كيف قادت دردشة بسيطة بين أب وابنه الى اختراع النموذج الأولي لمركبة فضائية لتهبط على الكواكب الأخرى.
ففي مساء أحد الأيام من عام 2009، عاد ستيفان التموس، مهندس وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، من العمل الى المنزل وهو يشعر بالإحباط. فقد كان ستيفان من كبار المهندسين عند “ناسا” في مركز جونسون للفضاء في هيوستون، وكان يعتقد أن الوكالة تحت ضغط وتدقيق لا يصدقان بزعم التكاليف التي تفوق الميزانية.
وكان مشروع ناسا لتطوير الجيل الجديد من الصواريخ على وشك الإلغاء. وأعتقد ستيفان التموس أن الهندسة لم تعد تستخدم للإسهام في مستقبل ناسا. لاحظ ابن التموس، البالغ من العمر 15 عاما، حالة والده فخاطبه قائلا: “لماذا لم تعد تتكلم عن ناسا يا أبي؟” ومن هذا السؤال بدأت المحادثة بين الأب وابنه، التي وصفها التموس بأنا “لحظة من الالهام والتحريض” نابعة من الابن.
فعلى مائدة العشاء، جلس الأبن وابنه وتحدثا عن كيفية إعادة وضع “ناسا” على طريق النجاح عبر خطة جريئة، وإن كانت تبدو شبه مستحيلة، وبعد وهلة قصيرة وضع التموس بعض المخططات فيما وضع ابنه فيلما توضيحيا على اليوتيوب.
كانت الخطة الأساسية بناء مركبة فضائية من دون طيار ولكن مع مستكشف آلي، وارسال هذه المركبة الى القمر خلال ألف يوم.
المحركات ستعمل بالأوكسجين السائل ووقود غاز الميثان. على أن تزود المركبة بنظام هبوط بتوجيه ذاتي يعمل بالليزر، ما يحول دون الهبوط على الصخور الكبيرة أو الأماكن الوعرة.
في الصباح التالي أعلن التموس عن فكرته الى فريق القيادة في “ناسا” الذي رحب بها، وسافر التموس الى مقر الوكالة الرئيسي وعرض المشروع على الإدارة العليا التي أعربت عن إعجابها به رغم شكوكها في بعض أوجه فعاليته، ومن هنا المشروع كان قيد التحقيق.
واجه هذا المشروع العديد من المصاعب، بظل غياب المال والموافقات الإدارية، ولم يكن لدى القائمين عليه سوى سوى ميزانية محدودة، ومع ذلك جميع التموس وفريقه قطع الغيار والتكنولوجيا التي يريدونها. وفي صيف 2010 انتهى بناء المركبة، ولكن الوكالة لم تحاول إطلاقها نحو القمر، غير أنها استخدمتها لبدء مشروع “مورفيوس بلانيتاري لاندر” وهي مركبة فضائية من دون طيار التي تستطيع نقل حمولة تزن أكثر من ألف باوند، بتصميم يشبه العنكبوت المعدني الضخم.
تكلفة المركبة بلغت 14$ مليون دولار، وهو مبلغ زهيد لمركبة لا تعرض حياة الإنسان للخطر، مقارنة بمركبات “ناسا” الأخرى التي تكلف مليارات الدولارات. كما أنها أول مركبة فضائية ناسا التي تستخدم الأوكسيجين السائل والميثان، إلى جانب أنها أول مركبة مزودة بنظام هبوط بتوجيه ذاتي يعمل بالليزر.
في 2013 أنهى ستيفان التموس خدمته مع “ناسا” التي امتدت 25 سنة ليبدأ مشروعه التجاري بالمنتجات الهندسية القائمة على تكنولوجيا الفضاء، أما الوكالة فهي تعتزم استكمال تطوير مركباتها، وهي تخطط لبناء مركبة آلية قادرة على التقاط كويكب وسحبه الى مدار مستقر قرب القمر.
كم من المدهش أن محادثة بين الأب وابنه عبر مائدة العشاء في العام 2009 أدت الى رحلة إلى الجانب الآخر من الكون، حيث قال ستيفان التموس: ” نحن كبشر دائما سوف نجد طرقا لنسعى ونبتكر ونخترع. طالما هنالك كواكب في السماء بعيدة عن متناولنا. فإن شخصا ما سوف يحاول الوصول إليها.”