الرئيس الأميركي باراك أوباما يستنفر طائرات “البنتاغون” بشراكة تحالف عربي- دولي يفعل الشيء نفسه بطائراته الحربية أيضاً، لضرب “داعش” ومحوه من الوجود، من دون أن يعرف الجميع أن ISIS كما يختصرون اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” بالإنجليزية، هو جار قريب 40 دقيقة بالطائرة من سيد البيت الأبيض، وكاد يكون جاراً أيضا لرئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون.. جار قريب بكل ما تعنيه الكلمة.
عبارة “بكل ما تعنيه الكلمة” تشير إلى أن القريب من “البنتاغون” والرئيس الأميركي في واشنطن هي كلمة ISIS الممهورة في شارع بنيويورك على واجهة مقهى للشيشة، أطلق عليه صاحباه هذا الاسم، وهما مصريان قبطيان، منذ أسساه قبل 3 سنوات، لا تيمنا باسم قاطع الرؤوس الدموي الشهير في سوريا والعراق، بل بآلهة فرعونية شهيرة في عالم الوثنية البائد، وعبدوها في مصر القديمة قبل آلاف السنين.
المقهى الذي اتصلت “العربية.نت” ليل أمس الأحد بصاحبيه رضا لبيب وميشال جاد الله، بعد أن علمت بأمره من موضوع نشرته صحيفة أميركية في موقعها الإلكتروني، لكنه يفتقر لما قد يهم القارئ العربي عن صاحبيه، هو صغير كاسمه المكون من 4 أحرف، فطوله 22 متراً وعرضه 4 أمتار تقريبا، لكن معظم المارين بقربه يستغربون اسمه وسط شهرة “الدواعش” حالياً، وربما استغربوا أكثر حين قرأوا ما نقلته الصحيفة عن أحد صاحبيه، وهو جاد الله، من أن “إيزيس” اسم لامرأة “كنت أعرفها في مصر” كما قال.
“أنا فلاح.. لم أكن أعرف إلا الزراعة”
جاد الله، البالغ عمره 40 سنة والمتزوج من مصرية له منها 3 أبناء وغير الملم تماماً بالإنجليزية، ذكر عبر الهاتف حين اتصلت به “العربية.نت” أنه لم يقصد ما نقلته صحيفة “نيويورك ديلي نيوز” تماماً “لأني أعرف أن إيزيس هي إلهة فرعونية، فقلت إني أعرفها من مصر، أي أعرف من هي، لكنهم ظنوا أن لي معرفة شخصية بامرأة اسمها إيزيس.. أنا لا أعرف اللغة الإنجليزية جيداً، فنحن فلاحين”، كما قال.
وجاد الله فلاح من قرية “منشئة منبال” المعروفة شعبيا باسم “نزلة النصارى” بمركز مطاي في شمال محافظة المنيا، البعيدة جنوباً 240 كيلومتراً عن القاهرة، ومن المحافظة أيضا شريكه رضا لبيب، البالغ عمره 46 سنة، لكنه من مدينة فيها اسمها “أبو قرقاص” عاصمة مركز أبو قرقاص، حيث كان فلاحاً أيضاً، لذلك قال: “أنا فلاح.. لم أكن أعرف إلا الزراعة، فسافرت من 5 سنوات لألتحق بأخي في نيويورك، فتعرف فيها بجاد الله”، وفق تعبير الشريك المتزوج أيضا من مصرية، له منها 4 أبناء.
أما جاد الله، فكان يشتغل في “منشئة منبال” بخوابي العسل الأبيض، قبل أن يغادر منذ 5 سنوات أيضاً إلى نيويورك، وحين تعرف إلى لبيب اشتغل معه في مقهى اسمه “روتانا” يملكه مهاجر تونسي، وبعد 18 شهراً استقالا معاً، ومعا أسسا “إيزيس” المقتصر فقط على تقديم الشيشة والشاي والقهوة والعصير لزبائن، معظمهم بنسبة 80% مهاجرون عرب، ممن يعلم أكثرهم أن “إيزيس” هو اسم لإلهة فرعونية. بارز أيضا أعلى واجهة المقهى قبل ظهور “داعش” على الساحة الدموية بزمن.
وكاد الاسم يصل إلى عتبة بيت ديفيد كاميرون
والأغرب أن “ديلي نيوز” نقلت عن جاد الله، ولكن عبر مترجم ساعده على فهم الأسئلة، أنه أطلق Isis Hookah Lounge على المقهى لأن “إيزيس” اسم امرأة “كانت حبه الأول في مصر” قبل هجرته إلى الولايات المتحدة، فتدخل زبون سمع ما قاله المترجم، وطلب من محرر أن يكتب الاسم في خانة البحث بالإنترنت ليعرف من هي، وقال له: “ستجد أن الاسم لا علاقة له بهؤلاء المجانين” في تعبير منه عن “دواعش” سوريا والعراق.
وقال جاد الله، الذي لم يقم بزيارة مصر منذ غادرها، إنه فكر مع شريكه بتغيير الاسم “لكن ذلك يكلف 8 آلاف دولار، وهو ما لا نملكه”. أما شريكه لبيب، الذي عاد من زيارة أهله في مصر قبل أسبوعين، فذكر عبر الهاتف حين تحدث إلى “العربية.نت” أنه يفضل الإبقاء على الاسم، مع وضع لوحة على الباب تشرح بأنه لإلهة فرعونية، ولا علاقة له بالتنظيم الإرهابي، خصوصا أنه وشريكه من أقباط مصر المسيحيين.
وليس جاد الله وشريكه لبيب، هما الوحيدان العالقان بهذه المشكلة “الداعشية” حاليا، ففي الطرف الآخر من العالم، حيث مقاطعة “وسترشر” البعيدة بالوسط الغربي لإنجلترا 177 كيلومتراً عن لندن، محل للأزياء شهير، أسسته صاحبته جولي كامبل باسم IsisBoutique منذ 7 سنوات، ثم اضطرت لنشر بيان وإعلانات بأن محلها “لا علاقة له بالمتشددين” طبقاً لما نقلت عنها صحف بريطانية أطلعت فيها “العربية.نت” على مشكلتها اللغوية، وبأنها لن تغير الاسم أبداً فهو موجود قبل هؤلاء المتشددين”، وفق تعبيرها.
والغريب أن جولي، البالغ عمرها 54 سنة، قالت إنها بحثت أولا عن محل لتستأجره في شارع تجاري بمدينة “ستو أون ذا وولد” في مقاطعة “غلوسترشاير” المجاورة للمقاطعة، حيث فتحت المحل الحالي فيما بعد، “لكني لم أعثر على واحد مناسب في ذلك الشارع لحسن الحظ”، ثم شرحت السبب وقالت: “تصور كم ستكون الدعاية سيئة حين يقولون إنISIS وصل إلى عتبة منزل ديفيد كاميرون”، لأن لرئيس وزراء بريطانيا بيتاً قريباً19 كيلومتراً من حيث كانت ستستأجر محلاً قبل الحالي.