بادرت فعاليات حقوقية وإعلامية أخيرا إلى إطلاق حملة لجمع “مليون توقيع” من أجل رسمية الأمازيغية بالمغرب، بسبب ما سمته “مماطلة” مؤسستي الحكومة والبرلمان في تفعيل هذا الترسيم، بالرغم من مرور أكثر من سنتين على إقرار الدستور اللغة الأمازيغية في البلاد.
وينص الفصل الخامس من الدستور الجديد على أنه إلى جانب العربية تعد الأمازيغية “لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركا لكل المغاربة، بدون استثناء. ويحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية”.
تفعيل الدستور والاتفاقيات الدولية
وعزا الموقعون على العريضة المليونية إقدامهم على مثل هذه المبادرة، وفق بيان اطلعت عليه “العربية نت”، إلى “تراجع مؤسسات الدولة المغربية، ورفضها الوفاء بالتزاماتها في هذا الاتجاه لأكثر من سنة ونصف، ما يعتبر سعياً للالتفاف حول دسترة الأمازيغية كلغة رسمية”.
واستند أصحاب العريضة في إطلاق حملتهم الجديدة على ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والشعوب، والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الحكومة المغربية، وتشكل التزاما أمام المجتمع الدولي”، فضلا عن “دستور المغرب الذي يقر الأمازيغية كلغة رسمية للبلاد”.
ولفتت عريضة “مليون توقيع” إلى كون خطاب الملك في أكتوبر الماضي، بمناسبة افتتاحه الدورة البرلمانية في مجلسي النواب والمستشارين، دعا بشكل واضح إلى تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية٬ “بعيدا عن الأحكام الجاهزة والحسابات الضيقة”.
ودعت الحملة المليونية جميع المغاربة إلى الانخراط في هذه المبادرة المفتوحة أمامهم، وأمام جميع التنظيمات والهيئات والإطارات المدنية والسياسية المغربية بالداخل والخارج، ليتم توجيهها فيما بعد للمؤسسات التي يمكنها الإسهام في تفعيل ترسيم الأمازيغية بالمغرب وخارجه”.
وضمت لائحة الموقعين على حملة “مليون توقيع” عددا من الأسماء الحقوقية والإعلامية والفنية ذات الصلة بالشأن الأمازيغي، ومن بينهم، الفنانة الأمازيغية المعروفة فاطمة شاهوا الملقبة بـ”تابعمرانت”، التي أثارت جدلا بإلقائها سؤالا بالأمازيغية تحت قبة البرلمان المغربي، وأيضا الإعلامية أمينة ابن الشيخ، والناشط رشيد راخا، وغيرهم.
اتهامات للمؤسسات والأحزاب السياسية
وقالت الناشطة الأمازيغية، أمينة بن الشيخ، في تصريحات لـ”العربية نت”، “إن الوقوف ضد تفعيل ترسيم الأمازيغية هو منظومة وأسلوب شبت عليه المؤسسات والأحزاب السياسية التي بنت إيديولوجيتها على القومية العربية الأحادية”.
وأردفت بن الشيخ، إن “هذه الهيئات والأحزاب السياسية تنفي وتقصي كل القوميات الأخرى”، مشيرة إلى أن “هذه الإيديولوجية لازالت هي المسيطرة على جميع الأحزاب، حتى تلك التي تصنف نفسها في صف الأمازيغية” وفق تعبير الناشطة.
وحول مدى نجاعة مثل هذه المبادرة، أفادت بن الشيخ، بأن العريضة قد لا تكون كافية في حد ذاتها، لكنها وسيلة متحضرة لإثارة انتباه الحكومة التي مازالت تصم آذانها أمام هذه المطالب الشعبية المشروعة، خصوصا أن دستور البلاد نص على دستورية الأمازيغية منذ سنتين”.
ولفتت الناشطة الأمازيغية إلى أن المثير كون “هذه العريضة شهدت وتشهد كل يوم إقبالا متزايداً وغير مسبوق، وذلك بتبنيها من مواطنات ومواطنين من كل الفئات الاجتماعية، أمازيغ وغير ناطقين بالأمازيغية أيضا”.