أطلقت الفتاة المغربية أمينة الفيلالي ذات الستة عشر ربيعا صرخة، من دوار قريمدية بالعرائش شمالي المغرب، كانت آخر عهدها بالحياة، لكنها كانت أيضا شرارة أضرمت النار مجددا في ملف الاغتصاب في المغرب، فماتت أمينة وبعثت الحياة مججدا في هذا الملف الشائك.
ولم تبرد حرقة عائلة أمينة بعد فاجعة موت ابنتهم القاصر انتحارا، أو قتلا كما تصر أمها وأختها المكلومتان، ويلمح والدها قصة تتوالد منها أسئلة عدة وتتوسع لتشمل معاناة كل فتاة مرت بما مرت به أمينة في المغرب.
فقد فارقت أمينة الفيلالي الحياة بعد تجرعها سم الفئران، وأثارت الرأي العام داخل المغرب وخارجه، وفتحت بابا واسعا أمام المنظمات الحقوقية والنسائية للمطالبة بتغيير بعض فصول القانون الجنائي من بينها الفصل الذي يتيح للمغتصب الزواج من ضحيته.
وتتلخص فصول قصة أمينة في علاقة جمعت بين فتى بالغ وفتاة قاصر، نتج عنها فقدان عذرية الفتاة، وما إن علمت أمها حتى سارعت إلى تحرير بلاغ ضد الفتى، حيث أن النص القانوني لهذه الممارسة في المغرب واضح، فالقانون يكيف التغرير بقاصر على أنه اغتصاب.
إذن فالرجل وعائلته في ورطة وعليه تصحيح خطئه، ويكمن الحل في الزواج من أمينة لتسقط عنه عقوبة الاغتصاب، لكن تعريف الاغتصاب يقترن بالعنف الممارس على المرأة عند مواقعتها، وهنا يقول رئيس الحكومة في البرلمان أن أمينة لم تغتصب.
وبالتالي فقد أثارت قضية أمينة جدلا قانونيا لم يحسم ويعود لعام 2004، حينما تمت المصادقة على قانون الأسرة المغربي ،الذي اعتبر ثورة في مجال تشريع الأسرة ككل، فقد أشرفت على إنجازه أطياف مختلفة من المجتمع من بينها المنظمات الحقوقية والنسائية، إلا أنه مع الوقت ظهرت بعض الفصول التي تتيح التحايل القانوني في بعض الحالات حيث يصبح الاستثناء هو القاعدة.
وقد أثار الفصلان 16 و 20 من المدونة والذي ينص على تزويج القاصر، حفيظة العديدين، فتحت شعار”لنوقف وأد بناتنا”، كانت مبادرة اتحاد العمل النسائي لإقامة محاكمة رمزية لهذه الفصول مجتمعة، معتبرة استمرار العمل بها انتهاكا لمقتضيات الدستور المغربي وتجاوزا لكل المبادئ المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية التي صادق المغرب عليها مؤخرا.
لكن هناك من يرى أن هذه القيم ومن بينها رفض تزويج القاصر قبل بلوغها سن الرشد ،لا يتلاءم مع المجتمع المغربي الذي تتفشى فيه الأمية والفقر، خاصة في القرى والأرياف فلا يجدون مانعا من تزويج الفتاة القاصر.
ورغم تعدد المواقف والآراء فإن أمينة أصبحت رمزا وتجسيدا لما تقبله بعض الشرائح الاجتماعية، وترفضه في الوقت ذاته منظمات حقوقية وجمعيات نسوية، بل أيضا أخصائيو علم النفس والاجتماع دفاعا عن سيكولوجية الفرد.
وترى أخصائية أمراض جنسية أنه مادام الموضوع يتعلق بمحظور من المحظورات الاجتماعية وهو الجنس، فإن هذه الحالات تكون لها مضاعفات على المرأة في أدق لحظات حميميتها.
وعموما ترفض معظم المغتصبات الحديث، إلا من يرى ذووها أن الحديث للإعلام سيخدم قضيتها وهي الحال بالنسبة لحنان القاصر إلا أن الفرق بينها وبين أمينة أن هذه ورغم اتفاق العائلتين على الزواج لم يتم ذلك ليس تراجعا من حنان وأهلها بل لأنه وكما يرجح الأب أنه وقع على تنازل وليس التزاما بالزواج.
ماتت أمينة وربما تعاني حنان موتا من نوع آخر.. طويل الأنفاس .