يستذكر الفنان السوري موفق قات رسوماته قبل 30 عاما، وتحديدا عند تأديته للخدمة العسكرية بصفوف الجيش السوري، عندها رسم أجسادا جائعة كهياكل عظمية معلقة على الحائط بخوف وذل.
ويروي قات تفاصيل خدمته العسكرية تلك فيقول لموقع سكاي نيوز عربية “كنت أخدم الجيش وكنا نجوع بسبب سرقة مخصصاتنا من الطعام من قبل الضباط، وكنت أرسم.. كنا نعامل كالعبيد وكالأذلاء.. والمضحك أن الضباط الذين عملوا جاهدين على تجويعنا وإذلالنا كانوا فقراء وعندما استلموا مناصبهم هذه عملوا على إذلالنا واستعبادنا”.
منذ 30 عاما وموفق يرى واقع الإنسان السوري الذي يتم سرقة طعامه ويتم إذلاله، ولا يعتبر نفسه ذو حاسة سادسة، أو ذو إحساس عال بما هو قادم فالكثيرون من أصدقائه كان لديهم ذات الشعور وذات الإدراك إلا أنهم، وعلى حد قوله “لم يمتلكوا أداة الرسم التي أمتلكها هو ومكنته من التعبير عن نفسه”.
ويصف القات نفسه بـ”قاسي القلب”، ولا يعتبر أنه “يؤخذ بمشاهد القتل لأنه اعتاد عليها منذ زمن طويل ما جعله يستوعب الصدمة العاطفية”، وكونه خريج سينمائي مكنه ذلك من تحويل الدراما الواقعية التي يراها بعينيه إلى عمل فني.
عام كامل مر على موفق وهو في كندا بعيدا عن سوريا، عام قرر خلاله إقامة معرض متنقل بين كندا وفرنسا وإنكلترا لرسوماته ليعود الريع للسوريين في مخيمات اللجوء حيث تتجلى رحلة التشرد والجوع والبرد.
ويتحدث قات عن عدم إيمانه بسلمية الثورة في سوريا، إذ يرى أن السلاح هو الطريق الوحيد للتخلص من نظام ديكتاتوري استمر لأكثر من 40 عام، معتبرا أن كل من يقول بسلمية الثورة فهو يجلس ببرج عاجي بعيدا عن الواقع.
يقول “في بلد دكتاتوري لا مكان للاحتجاجات السلمية، ومنطق السلمية، بلدنا حاله كحال ليبيا والعراق اللذين اختبرا دكتاتورية مشابهة للسلطة الحاكمة في سوريا”، وأضاف “لو دخل الناتو وضرب عدة ضربات لهرب رجال النظام كلهم.. فهم لايتعالون إلا على الشعب الأعزل”.
وهنا استذكر موفق وصية أخيه المعارض، المطلوب لدى الأمن، والذي أوصاه بأن لا يذل نفسه للأمن مهما فعلوا قائلا “إن شتموك اشتمهم أكثر، وإن قاموا بإذلالك قم بالرد عليهم بكل قوة وعنجهية”.
وكان أخ موفق مطلوب لدى الأمن السوري بسبب انتمائه لحزب العمل الشيوعي المحظور في سوريا، وكان يعلم مسبقا أن الأمن سيسعى وراء أخيه موفق وبقية عائلته، وفعلا هذا ما حدث عام 1988، حيث تم اعتقاله واصطحابه معصوب العينين إلى فرع الأمن حيث اتهموه بأنه جاسوس إسرائيلي كي ينهار بسرعة ويعترف بمكان أخيه، وهذه إحدى طرق الأمن المعتادة للتأثير على المعتقل ودفعه للاعتراف.
ويتابع “بقيت لديهم مدة يومين قاموا بضربي وتعذيبي.. بعدها وعندما اقتنعوا بأنه لامعلومات لدي عن أخي أطلقوا سراحي… عندها قررت عدم البقاء في البلد.. فقررت الهجرة خارجا”.
ويفخر موفق قات بأنه قدم عددا من الأفلام الكرتونية التي تحمل البعد السياسي في مضمونها، فهو وعلى حد تعبيره له طريقته الخاصة في نقد النظام السوري، وله لغته الخاصة للتعبير عن كونه معارض قديم للحكم في البلاد.
ومن الأفلام التي قدمها “حكاية مسمارية”، و”مذكرات رجل بدائي 1″، و”مذكرات رجل بدائي 2”.
ولايرى موفق جدوى من شتيمة النظام السوري ورموزه إلا أنه يقدر حاجة الشعب السوري إلى استخدامها في مظاهراته وهتافاته بعد أكثر من 40 عاما من القمع والذل.
وعن موعد العودة إلى سوريا قال موفق “حلمت من 3 أشهر أني عدت إلى سوريا.. لكن اليوم ومع كثرة الأيادي في أزمة بلدي فالحل سيتأخر كثيرا، فما يحدث في سوريا هو ساحة لتصفية الصراعات والحسابات الدولية والإقليمية وليست حرب أهلية.. مايحدث في سوريا هو نظام يقتل الشعب الذي يطالب بالحرية”.
يضيف أنه، حالما يعود إلى سوريا سيعمل على جمع المواهب الشابة في مجال “الأنيميشن” وأنه سيعمل على سينما الكرتون في البلاد، وقد يكون أول فيلم عن فكرة الفيل الذي يطارده بعض الأشخاص البدائيين، وعندما يقع الفيل في حفرة فإنهم يرمونه بالحجارة ويضربونه بالعصي إلى أن تأتي سيارة حديثة من خلف الأشجار لإنسان متحضر يضرب البدائيين وينقذ الفيل ويصطحبه معه إلى المنزل حيث يهتم به ويرعاه ويداويه من جروحه ومن بعدها يبيعه إلى القصّاب.
يذكر أن الفنان موفق قات خريج المعهد العالي للسينما _ موسكو/ VGIK _ باختصاص فنان في الرسوم المتحركة.
وعمل كرسام للكاريكاتور في جريدة الثورة السورية، كما رسم لمجلة الطليعي للأطفال، وفي مجلة الدومري، بالإضافة إلى عمله كمصمم ورسام لمنشورات منظمة اليونيسيف في سوريا، وله أكثر من 25 عمل سينمائي مهندس ديكور.
جذبني الاسم هههههه
قات