كانت نورو جائعة وحاملا في شهرها التاسع عندما قررت الهرب على متن قارب من غرب بورما التي تشهد اعمال عنف اتنية، وآثرت المجهول على البقاء في جحيم.
وبعد ستة ايام انجبت هذه الشابة البالغة ال24 من العمر، صبيا بعيدا عن الاطباء والسواحل. واقله بقيت نورو ورضيعها على قيد الحياة، في وقت يلقى العديد من لاجئي القوارب حتفهم جوعا او غرقا في هذه الرحلات.
ويعيش الالاف منهم هذا الكابوس بعد اعمال العنف التي اوقعت 180 قتيلا في ولاية راخين العام الماضي بين البوذيين من اتنية الراخين والروهينجيا الاقلية المسلمة التي تعتبرها الامم المتحدة من الاكثر اضطهادا في العالم.
وروت نورو لفرانس برس في ملجأ تابع للحكومة التايلاندية وهي تحمل رضيعها “عندما احرق منزلي لم يكن لدي مكان اقيم فيه ولا عمل”. وعندها قررت الرحيل.
واضافت “كان هناك نقص في المياه على القارب فشربنا من البحر واصبنا باسهال. انجبت طفلي في القارب”.
وشفق صياديون عليهم ووزعوا عليهم المياه والسمك والوقود لمواصلة رحلتهم. وبعد اسبوعين على ابحارهم من خليج البنغال كانوا يقتربون من السواحل التايلاندية. لكن الكابوس لم ينته.
وتم فصل الرجال عن اسرهم واعتقلوا وارسلت النساء والاطفال الى مركز استقبال في مدينة خاو لاك الساحلية شمال مدينة فوكيت جنوب تايلاند.
وقال احد العاملين في المركز الذي يستقبل 70 امرأة وطفلا “كانت وجوههم شاحبة. اصيب بعض الاولاد بالاسهال وكانوا يتقيئون. كانوا في حالة من الذعر والصدمة”.
وقام بعض الاطفال بالرحلة دون ذويهم تاركين خلفهم الارض التي ولدوا فيها وحيث لا يزالون يعتبرون مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش ويتعرضون للتمييز العنصري.
وقال عبد العظيم (12 سنة) الذي فقد والدته في اعمال العنف واحرق منزله “ان والدي معوق وعلي الذهاب الى ماليزيا حيث لدي اقارب”.
والصبي الذي تم تغيير اسمه هو واحد من 17 الفا من الروهينجيا الذين اعتقلوا في تايلاند في الاشهر الماضية. وقال فيل روبرتسون معاون مدير منظمة هيومن رايتس ووتش “انهم يائسون ولهذا السبب نرى ليس فقط رجالا بل ايضا نساء واطفالا يهربون”.
واضاف “هذا دليل على ان المشكلة في غاية الخطورة في راخين وعلى الحكومة البورمية معالجتها”، وطلبت الامم المتحدة من كل دول المنطقة فتح حدودها. ولجأ الى بنغلادش 300 الف شخص ويقيمون في مخيمات، لكنها بدأت تعيد اللاجئين.
اما السلطات التايلاندية التي توجد على اراضيها منذ عقود مخيمات لاجئين بورميين، فهي ترفض استقبال الروهينجيا لفترات طويلة. وتم ابعاد عدة زوارق في حين اتهم ضباط في الجيش بتهريب لاجئين.
وفي ماليزيا تقدر المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة عددهم ب25 الف لاجىء مسجلين لكن القادة الروهينجيا يقولون ان عددهم ضعف ذلك.
وتسمح لهم كوالالمبور بدخول اراضيها لكنها لا تمنحهم وضعا شرعيا كما لا يستفيدون من الرعاية الطبية والتعليم. لكن هذه الدولة اسلامية ولن يطردهم احد منها. وقال عبد العظيم “لست سعيدا هنا. ساكون سعيدا اذا ذهبت الى ماليزيا”.