يرى عدد من الباحثين والمنظمات غير الحكومية أن البول البشري يمكن أن يشكّل بديلاً من الأسمدة الكيماوية، يساهم في الحد من التلوث البيئي وفي توفير الغذاء للبشر في وقت يشهد العالم زيادة سكانية مطّردة.
فإذا كانت الأسمدة النيتروجينية الاصطناعية تساهم في جعل الإنتاج الزراعي أكبر، يؤدي الإفراط في استخدامها إلى تلويث البيئة. من جهة أخرى، تشهد أسعار هذه الأسمدة ارتفاعاً فاقمته الحرب في أوكرانيا، مما يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل المزارعين.
وقد يشكّل البول بديلاً من هذه الأسمدة، على ما رأى عدد من الباحثين، بينهم فابيان إسكولييه الذي يجري دراسات لإصلاح الأنظمة الغذائية لتكون أكثر استدامة.
الاستعداد لتناول أطعمة مخصبة بالبول
ولكن هل لدى الناس استعداد لتناول الأطعمة المخصبة بالبول؟ أظهرت دراسة أن ثمة اختلافات ملحوظة بين البلدان. فمعدل القبول مرتفع جداً في الصين وفرنسا وأوغندا مثلاً، لكنه منخفض في البرتغال والأردن.
ولاحظ غيلان ميرسييه من هيئة “باريس إيه ميتروبول أميناجمان” التي تعمل على إقامة حي بيئي في باريس يضم 600 وحدة سكنية ومتاجر سيتم فيه جمع البول لاستخدامه في تخصيب المساحات الخضراء في العاصمة الفرنسية أن “هذا الموضوع يلامس الحميمية”.
وشدد ميرسييه على أن ثمة إمكانات كبيرة في هذا المجال توفرها المكاتب والمنازل غير المتصلة بشبكة الصرف الصحي أو الأحياء الفقيرة التي لا توجد فيها مرافق صحية.
لكنّ الإفادة من هذه الإمكانات تتطلب حمل السكان على الالتزام، وإعادة تنظيم الأنابيب، ومواجهة التشريعات غير المناسبة …
وينبغي نقل البول إلى الحقول بعد جمعه، وهو أمر مكلف. وثمة تقنيات مختلفة تتيح تقليل حجمه وتركيز اليوريا أو حتى تجفيفها. ويعمل معهد “ريتش إيرث” على وضع حلول تقنية لجعل نشر هذا السماد سهلاً وقليل التكلفة للمزارعين.
ولا يتطلب البول معالجة مكثفة لاستخدامه في الزراعة نظراً إلى أنه ليس عموماً ناقلاً رئيسياً للأمراض. وتوصي منظمة الصحة العالمية بتركه يرتاح. ومن الممكن أيضاً تعقيمه
ومع أن ثمة صعوبة حتى الآن في جعل البول بديلاً من الأسمدة الاصطناعية. يتوقع غيلان ميرسييه “تقبلاً أكبر” للفكرة بفعل الاحتياجات الاقتصادية التي يتوقع أن تنجم عن ارتفاع أسعار الغاز وعن رغبة دول عدة في تعزيز سيادتها الغذائية في ظل الحرب التي تشهدها أوكرانيا.