العربية.نت- وأد البنات الذي “وأده” الإسلام الى غير رجعة قبل 1400 عام، عاد يطل في القرن الواحد والعشرين من وراء كواليس عالم سري في بريطانيا، يتم فيه “ذبح” الإناث من الأجنة لإجهاضها وهي في أرحام أمهاتها للتخلص منها قبل أن تبصر النور في عالم لا يزال يفضل المواليد من الذكور.
هذا العالم الدموي السري من الوأد للإجهاض الأنثوي، حققت بشأنه صحيفة “ديلي ميل” البريطانية في تقرير نشرته بعددها أمس الخميس، وعززت ما فيه من معلومات بأقوال نساء تحدثت إليهن، وإحداهن اعترفت لها علناً بأنها قتلت جنينها عندما علمت من كشف على حملها أجرته في مستشفى حكومي بأنه أنثوي.
وقالت من تحدثت اليها الصحيفة، وهي موظفة بنك اسمها “آشا” وعمرها 33 سنة، إنها قضت على الجنين إجهاضاً في إحدى العيادات لأنها خافت العواقب من عائلتها التي ترغب في مولود ذكر، “وأنا أيضا كنت قلقة من أن أضع أنثى في وسطنا المعادي بشدة للفتيات، لأني لو وضعتها فستعاني طوال حياتها من مكافحة التمييز كما حدث معي”، وفق تعبير “آشا” وهي من طائفة السيخ وهاجرت مع أبويها من ولاية البنغاب الهندية الى بريطانيا.
كل 100 أنثى يقابلها 120 من الذكور
تحدثت “آشا” أيضاً عن مناخ من القلق منتشر بسبب المواليد من الاناث بين بعض العائلات المهاجرة في بريطانيا بشكل خاص من الهند وباكستان وأفغانستان وبنغلاديش، وهو مناخ أوجد انتقاء للذكور على حساب الإناث، “ما أدى الى خفض ملحوظ في معدل مواليد الاناث لمصلحة الذكور، الى درجة اختفى معها أكثر من 4700 جنين أنثوي بالإجهاض المتعمد”، بحسب الصحيفة.
وبحسب تحليل إحصاء سكاني تم في 2011 بالمملكة المتحدة، فقد ظهر أن نسبة مواليد الذكور في بعض المناطق، كانت أعلى من المعدل الطبيعي، وهو 105 مقابل 100 من الإناث، وظهر أن النسبة فيها كانت 120 للذكور مقابل 100 للإناث، وأظهر التحليل تبايناً كبيراً في معدل جنس المواليد في بعض الأسر المهاجرة، مؤكداً أنه لا يمكن تفسيره إلا بقيام الأمهات بإجهاض الأجنة الإناث طمعاً في الحمل سريعاً بمولود ذكر فيما بعد.
“كان يشد شعري ويضربني على ذراعيّ وفخذيّ”
وتحدثت للصحيفة باكستانية عمرها 32 سنة واسمها Uraj بما هو أشد حزناً أيضاً، فذكرت أنها تقيم مع ابنتيها البالغتين 7 و8 سنوات في بيت قدمته لها مصلحة الرعاية الاجتماعية بعد أن انفصلت بالطلاق عن زوجها، وهو باكستاني قام بضربها على بطنها عندما كانت حاملاً بابنتها الثانية، آملاً أن تجهض حملها، ولم يفلح.
روت “أوراج” وقالت: “كان يوثق يديّ من الخلف، ثم يدفعني أرضاً، ويبدأ بضربي على بطني، وأنا لولب في كرة لأحمي جنيني”، مضيفة انه “كان يشد خصلات شعري، ويضربني على ذراعيّ وفخذيّ وكامل جسدي، وما كان ينتهي إلا وأنا فاقدة الوعي.. واستطعت مرة الاتصال بالشرطة فأقبلت لتعتقله، لكنه اختفى فراراً من المكان”، بحسب تعبيرها.
منذ تلك الحادثة لم تعد “أوراج” ترى زوجها ثانية، لأنه غادر الى باكستان، وبعدها حصلت على الطلاق من الرجل الذي قالت إن زواجها منه تم بتدبير عائلي عندما التقته وعمرها 22 سنة في كراتشي بباكستان، “أما هو فكان عمره 37 عاماً، ثم انتقلنا الى بريطانيا، وأول مولود لنا كانت طفلة، فلم ترُق له ولادتها، وأوضح لي أنه يريد أن يكون الابن الثاني ذكراً”، على حد قولها.
تمضي “أوراج” في روايتها وتقول إنها حين حملت بمولودها الثاني أخذها الزوج الى المستشفى لإجراء مسح بالأشعة وهي حامل بشهرها الخامس “وحين علم من الممرضة أن الجنين أنثى، ظل هادئا، بينما كنت قلقة جدا عما سيحدث من بعدها.. وفي البيت طلب مني أن أتخلص من الجنين، فتوسلت اليه أن يبقي عليه لأن الوقت متأخراً للقيام بإجهاض، عندها بدأ يهاجمني ليحاول التخلص منه.. لم يكن أبوياً معهما على الإطلاق، ولم يحمل أياً منهما بيديه، أو يحضنها، أو حتى ينظر إليها بعينيه”، على حد تعبيرها.
“الأنثى مشكلة مالية”
واعتبرت راني بلخو، وهي سيخية من “جمعية جينا إنترناشونال الخيرية” القائدة لحملة ضد الإجهاض الانتقائي بسبب جنس الجنين، أن الإدارة الحكومة البريطانية صامتة على ما يجري “والقضية هي عنف ضد المرأة حتى قبل أن تولد.. وما يحدث من إجهاض هو شائع في المجتمعات الهندية والبنغالية والباكستانية، وجاؤوا به الى بريطانيا”.
وأضافت أن المرأة من هذه الجاليات “حتى لو كانت من مواليد بريطانيا ونشأت فيها فإنها تخجل من وضع طفلة بدلاً من مولود ذكر، وهذه ليست مسألة دينية، بل اعتقاد ثقافي بأن الولد متفوق على الأنثى وقيمته أكبر”، ولخصت وقالت: “هذه المجتمعات تنظر الى المولود الأنثى على أنها مشكلة مالية، ومواطنة درجة ثانية.. إنها عقلية قروية، وكلما مضيت نحو الشمال في بريطانيا (حيث يزيد عدد المهاجرين الآسيويين) كلما ساءت الحال أكثر”.